الأربعاء، 3 فبراير 2016

كيف تغرس في إبنك حب المشاركة ...

By 11:13 ص
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته 




من أكثر الأشياء التي تهدم المجتمعات و تحيل حياة البشر إلى جحيم … الأنانية ... و حب الذات … و قد تكون من أكثر الأسباب التي بها يضيق العيش ، و ينتهي التعايش بين البشر ... قد يكون لكل منا نصيب فيها ... و ربما يكون ذلك مرتبط بغريزة البقاء عندما لا يكون هناك سبيل ولا مجال للعطاء  ... ولكن ... هناك دائما قاعدة مختلفة فينا نحن البشر ... هذه القاعدة تختلف بوجود الإيمان ... أن تؤمن بشيء فتبذل كل ما لديك من أجله ... أن تؤمن بالله ... فيكون كل شيء مختلف فيك ... بعكس كل البشر …  

وقد تكون بذرة المشاركة هي الدواء لكل ما فينا من فطرة الأنانية ... تلك البذرة التى تغرس في الصغر ... بالتربية و القدوة ... 

و لعل المشاركة هي أساس كل شيء في حياتنا ... لعلنا خلقنا شعوبا و قبائل لنتشارك الحياة بكل مافيها ... و نتشارك حملها و حمل الأمانة ... 

هل سألت نفسك يوما ... كيف يمكن تعليم أبنائي مبدأ المشاركة بينهم و بين بعض؟ … 

بالتأكيد يجب أن تمتلك أنت هذا المبدأ … وتعرف معناه ، ولابد أنك حتى الآن وصلت لقناعة أن الحياة لا تسير إلا بوجود المشاركة مع الآخرين في كل شيء … وإن لم تصل بعد إلى هذه القناعة … فماذا تنتظر؟

و كلما تأصل فيك مبدأ ما … ستجد أنك تمرره لأبناءك بشكل تلقائي في تربيتك لهم … و من ثم هم و تكون شخصياتهم في تبنيه لحياتهم من عدمه … 

ولكن كيف يتحقق ذلك؟
كيف أزرع فيهم حب مشاركة بعضهم البعض ... و عدم الإنفراد بالشيء و حرمان البقية ؟

زرع المشاركة يعني أنك تنمي روح العطاء و تعطيها في انفسهم مساحة أكبر حتى لا تجعل للأنانية مجالا لتسيطر أكثر ... والتي كثيرا ما ينميها الأهل بدون دراية منهم ... عندما يفضلون أحد الأبناء عن غيره ... أو يحثونهم على عدم العطاء للإحتفاظ بالشيء لأنفسهم … أو أنهم يكونون قدوة لأحد الأبناء ... كيف؟

لنأخذ مثالاً على ذلك … 

أترى أنك خرجت مع أحد أبناءك … فدخلت محلا به ما يغريه … فيطلبك في قطعة حلوى … أو كيك … أو شكلاتة وربما عصير ... فيرق قلبك ولا تريد كسر خاطره .. وأنت لا تملك ثمنا غيرها … فتشتريها له و تخبره أن يأكلها قبل أن تصل إلى البيت ... لأنك لا تريد فتح حوار طلبات مع إخوته بهذا الخصوص و أن تكسر بخاطرهم و يرونه يأكل و هم لا نصيب لهم … و قد تفعل هذا أنت بنفسك دون أن تخبر إبنك بذلك فتحاول الإنتهاء من قطعة الشكلاتة أو الوجبة السريعة التي أخذتها قبل أن تدخل البيت … لكي لا يراك أحد و أنت تأكل و يطالبك بحصته … 
عندها أنت ... علمته الأنانية ... و هذا فقط ... مثال من عشرات و مئات و الآف الأمثلة ... التي ترى فيها النفس تفضل أن تنفرد بما بين يديها حتى تحوزه لنفسها فقط دون مشاركة و الطفل يشهد هذا و يتعلم منه …
فكيف يمكنك تعليمه المشاركة .؟

بإستعمال ذات المثال الأول ... 
أن تكون في ذهنك فكرة غرس القيم و المفاهيم الصحيحة في عقل طفلك بإستغلال كل فرصة تمر بك … كل ما تفعله و تعيشه و تختبره في حياتك … فيه درس لطفلك … فالأطفال ينقلون كل ما يرونه و يتركز في أذهانهم بأضعاف ما يحدث مع الكبار … و برمجتهم و هم صغار أسهل بكثير من المتقدمين في العمر حتى الشباب … فعقولهم صفحات صافية فارغة تحتاج فقط إلى معلومات تسجل عليها … فلا تملأها بالتحبيط و الشتم و التقليل من القدر لأنك ستحصده منهم لاحقا … 

فتأكد أنك عندما يطلب منك شيء في موقف كهذا الموقف في المثال … أن تسأله … و ماذا عن أخوك؟ وماذا عن أختك؟ وماذا عن من هم غياب ليسوا معنا الآن؟ إن لم يكن هناك إمكانية لشراء شيء لهم جميعا فلا تشتري أبدا … أو غير ما يريده بشيء تستطيع توفير عدد كافي للجميع منه و أخبره أن هذا يمكن أن نشتريه لأنه يكفيكم جميعا … 

دائما ذكره بمن ليس معه … و إسأل … كيف نأخذ ولا نحسب حسابهم؟

و دعه هو من يحسب عددهم إن كان بالإمكان شراء ما يطلب … حلوى؟ حسنا خذ لك و لإخوتك الغائبين … كم عددهم؟
فرصة تعلمه العد إن لم يكن يعلم أيضا … 

و الأهم أن تحرص بأستمرار على تذكيره عندما يطلب أو يريد فعل أي شيء … و ماذا عن إخوتك؟ وماذا عن من غائب الآن و ليس معنا؟ 

و كلما طلب طلباً … ذكره بهم … حتى يأتي اليوم الذي ستسمع فيه منه دون سؤال عندما تعطيه شيء لنفسه … ليسألك هو أين حصة أخي أو أختي ؟ 

ومن جهة أخرى مهمة جدا … إحرص دائما على شراء الألعاب التي لا يمكن لعبها بلاعب واحد فقط … ألعاب جماعية تنمي روح المشاركة … وهو عامل مهم جدا … وربما تشاركهم أنت أيضا فيها حتى يتركز في أذهانهم المرح و الفرح و المتعة بوجود المشاركة مع الآخرين … و تزداد الروابط بينكم قوة … و من الألعاب ما يفيد جدا في تعليم الألتزام بالقوانين و إنتظار الدور … 

تذكر … كل شيء … ساوي في الحقوق بين أبناءك … حتى تجمع قلوبهم على بعضهم … و يؤثر هذا عليهم في الكبر …
و إن كان لك إبن واحد فقط ... فعوده على المشاركة معك أكثر ... في كل شيء ... 

دائما انظر كيف تتسلسل التربية و غرس القيم في حياتك و تنتقل لحياة أبنائك … فالتربية مراحلها مستمرة في كل ما تفعله وكل ما تقوله بشكل مستمر و ليست في فعل واحد لمرة واحدة فقط … أو في إلجامهم الصمت عندما تكون أنت الحاضر الغائب … ليلتزموا الصمت و الهدوء و يقال أنهم ... ما شاء الله متربيين لا يصدر لهم صوت أبدا ... 



شكراً…