السبت، 5 مايو 2018

كيف تسعد أولادك؟

By 2:39 م
السلام عليكم و رحمة الله وبركاته


 هل حقا يحتاج هذا السؤال إلى إجابة أو شرح لكي تعرف كيف تسعد أولادك؟ 
وأنت تعرف جيدا أن السعادة تأتي بتلبية الإحتياجات وتوفير الرغبات، فكلما إحتاج إبنك شيئا ما عليك إلا أن توفره له لترى السعادة تغمره لتنعكس عليك أنت بشيء من الهدوء والسكينة إلى حين. 
فهل حقا إسعاد الإبناء يكمن في توفير رغباتهم وما تشتهي أعينهم مما تراه حولهم في الأسواق والشاشات أو ما يرونه عند أقرانهم في المدرسة أو النادي حتى لا يشعروا بالدونية والقل أمام البقية؟

أم أن التوفير للرغبات يأتي من دافع الرغبة في عدم حرمانهم مما حرمت منه أنت عندما كنت صغيرا، ورفض والداك توفير كل ما حلمت به وبكيت حتى جفت دموعك وأخذك النوم ليعتقد الجميع أنك نسيت ولكن ما أردت بقي مطبوعا في ذهنك والآن لا تريد لذلك أن يحدث مع أبناءك؟ 

ولكن قد يتوجب عليك أن تسأل نفسك، إلى متى تستمر تلك اللحظة من السعادة بإمتلاك ما نريد؟ هل السعادة التي تمنح بتلبية الرغبات لها أمد بعيد؟ وما هي نتائجها على المدى البعيد يا ترى؟ 

هل ستكتفي بأن تقول أنني نجحت في أن لا يختبر أولادي التجارب السيئة التي مررت بها في حياتي، وأنت حقا لا تدري إن كنت قد جعلتهم يمرون بتجارب مختلفة تماما قد يرونها بذات السوء الذي رأيته أنت من والديك وقد يسبب ذلك في رغبتهم في عدم فعل ما فعلت لتجنيب أبناءهم ما إختبروه معك... وما ظنك بما تفعله إلا أنك تحسن صنعا وتبذل جهدا وتسعدهم... بما تعتقد أنت أنه السعادة... 

كيف تسعد أولادك حقا؟ 

كم مرة رغبت في شيء بشدة وإستحكم فيك وسيطرت عليك رغبتك حتى أهملت كل شيء إلا فكرة الحصول على ذاك الشيء؟
وأظنك مررت بذلك في حياتك عديد المرات، ولعلك الآن تذكر تلك اللحظات التي حصلت فيها على ما تريد وكيف أن رغبتك الجامحة تلك مرت بتجربة سقوط الجمرة في الماء وإنطفاء كل الوهج وزهدت فيما حصلت عليه... لتكتشف دون أن تدري أن المتعة الحقيقية كانت في السعي للحصول على الشيء لا في الحصول عليه... 

فهل توفير الرغبات يعد إسعاد للأولاد؟ 

نعم يعد إسعاد لهم في حينه، لأننا بطبيعتنا نسعد بالعطايا وكلما أُعطينا شيئا فرحنا به، ولكنه قد يكون إسعاد مؤقت... ولكي لا نجعل السعادة التي نمنحها لأولادنا مؤقته إذا علينا التأكد أن ما نقدمه لهم فيه درس يعلمهم كيف يواجهون الحياة وحدهم عندما يكون كل منهم مطالبا بذلك... 

فيكون الحرمان مما رغبوا أحيانا فيه سعادتهم المستقبلية، فمنعك ولدك من شيء أراده وأنت قادر عليه، يكون تدريبا له على الصبر والإنتظار.

ولكن كيف تفعل ذلك وتنجوا من الصراخ والإعتراض والدموع والعتاب والخصام؟
ذاك سؤال مهم لابد من الإجابة عليه، وتذكر أنه يحتاج منك أن تكون مربيا، و المربي يحتاج إلى الصبر والمثابرة والمداومة على برنامجه التربوي الذي يكون تلقائيا مع الوعي المطلوب لهذه المهمة... وفيه من الفطرة الكثير أيضا عندما تختلط بالحكمة والوعي... وعليك أن تبحث و تثقف نفسك أكثر في هذه المسائل حتى تحسن صنعا في تربية أولادك وليس فقط تغذيتهم وكسوتهم.

ولكي لا يكون هناك رد فعل إعتراضي من طفلك يفتح عليك بابا لا تريده، وغالبا ما يعطي الأباء أبناءهم فقط ليسكتوهم فيتعلم الطفل هذه الوسيلة ويستعملها تجاهك وينجح فيها ... فإنك من الواجب أن تكون قد هيأته منذ البداية وهي عمر الصفر. لهذه الحالات التي تكون فهيا أنت رافض لتلبية رغباته فقط لأنه رغبها إستحق ذلك، لديك الإمكانية، أو أنك تستطيع أم لا. 

والتهيئة تكون مسبقة لذلك، بأن تزرع الثقة فيه تجاهك، بحيث أنه يثق حقا في كلمتك، بالتالي تجنب الكذب عليه، وتجنب إجابته عن أسئلته بإجابات تصرفه بها دون أن تتأكد أنها إجابات صحيحة، وتذكر أيضا أن إجابتك بلا أعلم أفضل من إجابتك المموهة الغير صحيحة، وكذلك لا تنسى الوفاء بكل وعد تقطعه له حتى يثق حقا في كلمتك ووعدك ويطمئن لكل كلمة تقولها، ولابد أن تبين ذلك بشكل مستمر كلما سنحت الفرصة بشكل ودي ومحبب لطفلك. 

ليس هذا وقتها، من الجمل التي قد تساعدك على تهدئة إبنك إن كنت قد زرعت فيه الثقة فيما تقول وتعد به، بحيث أنه يقتنع منك بأنه ليس وقت الحصول على هذا الشي، والإجابة على السؤال، ومتى وقتها؟ هو أن نقول سيأتي وقتها وأخبرك، وواجب عليك أن تتذكر وقتها قبله وتعطيها له عندما يناسبك الوقت وتقول له، هذا هو وقتها... وبذلك و تكراره تكون قد زرعت فيه ثقة لن تتزعزع. 

وبصبر المربي تكون قد هيأته لرفض طلباته أو تأجيلها، حتى يتسنى لك تعليمه الصبر، وتعليمه الإستغناء عن أشياء قد لايحتاجها ولكنه فقط يرغبها، وهو من أهم ما يجب عليك تعليمه وزرعه في أولادك حتى تدربهم على مواجهة الحياة براحة وهدوء بعيدا عن الجزع و الهلع المصاحب للحرمان من أشياء مادية. 

وكيف تسعد أولادك؟

تسعدهم بأن تهيئهم لمواجهة الحياة المواجهة الصحيحة، التي تمكنهم من عيشها بما يرضي الله وعدم الإقبال على الدنيا بتلبية طلباتهم كلما رغبوها حتى يعتقدوا أن السعادة الحقيقية هي الحصول على ما يريدون، بل السعادة الحقيقية هي في إعطاءهم القدرة على مواجهة الحياة بالصبر والإيمان و اليقين والإستغناء عن ما لا يحتاجون، والعيش بالقليل مع السعي لتحقيق ما يرغبون، وأن السعادة الحقيقية لهم في إعطاءهم هذا التدريب الذي لابد أن يبدأ من سن مبكرة حتى تجد ثمرته عندما تفتح كتبهم ويصل كل منهم لسن الرشد التي نسميها مراهقة فتكون مراهقتهم واعية وليست طائشة... وكذلك أن تكون القناعة الحقيقية بأن السعادة في الدنيا مهما طالت هي مؤقتة، ومهما إمتلكت شيئا فإنه سيبلى و ينتهي ويكون هناك غيره أفضل منه... وأنك إن أردت أن تكون سعيدا حقا... فأطع الله وسيجازيك الله في الآخرة ما ستسعد به ولا يبلى ولا ينتهي ولا يبيد...

فكيف تسعد أولادك؟ ...


شكراً...

أكمل قراءة الموضوع...