الأربعاء، 1 أغسطس 2018

كيف أعيد لنفسي الثقة التي فقدتها...

By 12:48 م
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته 


لكل منا تركيبته وطبيعته ومجريات حياته وتفاعله معها مما شكل شخصيته وقناعاته ونظرته لما حوله...
ولعل أهم عامل من العوامل تشكل الشخصية هو الإختيارات التي نختارها نحن مع كل ما يواجهنا في حياتنا مما ينتج عنه نتائج نجد أنفسنا معها أمام خيارات جديدة وتكون إختياراتنا مطروحة بدعم مما سبق من تجارب والتي ستؤثر على ما سنختار بحسب إعتقادنا لما سينتج عنها ... وما أن ينتج عنها ما توقعنا أو لم نتوقعه حتى تفتح أمامنا أبواب خيارات أخرى... لتتشعب الخيارات وتتوسع ويحتاج كل منا لخبرته وخبرات أخرى معه ليعرف ما الأفضل بالنسبة له ظنا... ولا يقدم أحدنا على فعل شيء... إلا وهو موقن أنه سيجلب له المصلحة أو يدفع عنه المفسدة... على الأقل عندما يكون في لحظة الإختيار هكذا نظن...
ومما يقلل فرصنا في إختيار ما نراه لنا مناسب هو تسليم أمرنا... طوعا أو كرها بطواعية... لمن حولنا ليقرروا لنا ويحددوا أي إتجاهات في حياتنا نسير...
وتأكد أن ذلك طبيعي جدا عندما تكون طفلا لك أهل يهتمون لأمرك ويفعلون ما يرونه هُم الأفضل بالنسبة لك... أو تكون مرؤوسا تتبع فريقا يجب أن تعملوا جميعا معا لتحقيق هدف المؤسسة التي فيها تعمل. 
ولكن على الصعيد الشخصي وما أن تبلغ وتصبح مكلفا، فإنك عندها تملك الخيار في أن تستمر في تسليم أمرك كليا لأهلك أو جزئيا أو أن ترفض ذلك جملة بحيث تقف في مساحة وسط إما أن تفقد فيها إختياراتك بسبب إختيارك بالتسليم أو أنك تملك نفسك وتتقبل النصيحة ممن حولك لتحدد أنت خياراتك... 
وكله بإختيارك... حتى ما فرض عليك... أنت اخترت القبول به ولَك إختيار رفضه وتحمل تبعات رفضك له... 

وما الذي يجعل أحدنا يفقد الثقة في نفسه؟
أسباب كثيرة ومقادير معقدة لا يمكن حصرها في قائمة بسيطة فنحن كائنات معقدة جدا تتدخل الملايين من الإحتمالات في تكوين ظروفنا...
ولكن الثقة بالنفس تعزز في الطفل من أهله ومحيطه... كبداية... 
بداية من تركه ليقوم بنفسه عندما يسقط على الأرض وعدم الإسراع لرفعه ليعتمد علينا دائما...
الى إعطاءه مساحة كافية لإتخاذ قرارات في بيئة محمية ومكافأته على الإختيار الصحيح ودعمه فيه ليعلم أنه قادر على أن يقوم على أشياءه بنفسه دون مساعدة... إلى إخضاعه لتجارب يجد فيها نفسه مجربا على أخذ قرارات تحقق مصلحته وتبعد عنه الخطر...

ومن العوامل التي تُفقد أحدنا الثقة في نفسه من يحيط به من أصدقاء ... والإعتماد في ذلك لمدى سماحك أنت لهم بالتأثير عليك... بحيث تكون أنت مؤثرا أم متأثرا بهم وبكيف يتعاملون معك ومع إختياراتك وهم حولك... ومدى تقبلك لرأيهم فيك أنت وطبعه على نفسك...

إن سمحت لغيرك أن يقرر لك وأن يأخذ حقك في الإختيار بشكل دائم ولم تحصل أو تأخذ فرصة إتخاذ قرارك بنفسك...
فإنك ستكون أكثر عرضة لفقد الثقة بنفسك من غيرك...

وإن أكثرت من الحسابات ودخلت في التفاصيل البعيدة التي قد تكون وقد لا تكون مرتبطة بما تحاول إتخاذ قرارك فيه... مما يؤدي إلى بناء حواجز وعوائق أمام عقلك تجاه الإختيارات المطروحة أمامك مما يخيفك ويشل حركتك ويهدم ما أنت مقدم عليه...
وقد تلاحظ أن غيرك لا يفكر كثيرا للإقدام على فعل ما تخشاه أنت...
ذلك أن اُسلوب نظرتهم لتلك الإختيارات أكثر بساطة بإستبعاد الإحتمالات الأساسية والنظر للنتيجة القريبة التي ما أن تصلها حتى تجد أن باب الإختيارات التي تليها قد فتح وحتى تصل إلى هناك... لست بحاجة للتفكير فيها بشكل دقيق كما فعلت أنت فعطلت على نفسك إتخاذ القرار الآني وخفت من عواقب لا وجود لها وأصابك بذلك الرعب... 
وقد يكون ذلك أحد الفروق بين من يقدم على أفعال يراها البعض خطرة ويتهرب منها وينجزها هو بسهولة يستغرب لها الآخرين ...
كالسير على حبل معلق بين مبنيين شاهقين...
أو إختيار تخصص دراسي... أو حتى أداء واجباته في وظيفته أو مدرسته أو التحدث أمام الجموع... 

فأنت اليوم لست إلا نتيجة لسلسلة من الإختيارات التي مررت بها وإخترتها دون غيرها...
ومما يؤثر على ذلك هو الخوف من نظرة من حولك لك...
فتبدأ في بناء الإحتمالات... التي قد لا تكون موجودة عند وصولك لنهاية الخيار الذي أمامك...
ومن تخيل الإحتمالات إلى تجسيدها والخوف منها والهرب قبل إنجاز أي شيء... لتنتهي بحمل الفشل الذي يثقل نفسك ويزيد من هروبك من المواجهة ليتولد لديك شعور عدم الثقة بالنفس. 

إن فعلت ذلك سيهزأ بي فلان وسيقول عني فاشل وسيخبر الآخرين وسيلتصق بي الفشل حتى أموت ولن أستطيع التخلص من هذا العار... العار مخيف لابد أن أهرب ... لا يجب أن أقدم على فعل كهذا... لا لا ... يجب أن أتوقف... فعدم فعل شيء لن يعرضني لذاك الخطر...

فتتسارع نبضات القلب ويتعرق الجبين ويبدأ العقل في أخذ إحتياطاته لحمايتك من خطر محدق ... لا وجود له... 
مما يدفعك للتراجع لكي تنجوا بنفسك ويعود كل شيء لطبيعته وتكون في مأمن من كل خطر... بفعل لا شيء... 

فهل حقا رأي الآخرين بك مهم؟
هل تعيش لهم أم لنفسك؟
هل يجب أن ندعم هذه الوسوسات ونغذيها أم علينا أن نحسب حساب اللحظة دون تراكم التوقعات بعيدا عن الواقع؟
هل يجب أن نخضع لهواجس خيالية ندعمها بترجمات خاطئة لنظرة فلان وكلمة فلان وإسلوب حديث فلان وعدم تعليق فلان وإستهزاء فلان؟
أم نثق في أنفسنا ونشق طريقنا مركبا يبحر نحو مرفأه الذي حدد لنفسه ركب من ركب وقفز عنه من قفز؟
إعادة الثقة لنفسك بنفسك تكون دائما في عكس كل ما ذكر أعلاه، وما هو إلا جزء من أجزاء التركيبة التي قد تؤدي إلى فقدان الثقة... فدفاعاتك هزمت أمام خيال انت رسمته، وسمحت لغيرك أن يدعم ذلك في نفسك... 
ولذلك عليك أن تعيد ترتيب إختياراتك... التي بها تحدد مسار حياتك...

- إختر أن لا تخشى الناس ولكن لتكن خشيتك من الله ولا تختر أن تحسب حساب الخوف من الناس بدلا من الخوف من الله، وأنت تعرف جيدا لما عليك ذلك... وتأكد أن الطاقة التي سيمدك بها الإيمان بالله أقوى من أي طاقة أخرى مؤقتة... ذلك أن مصدر هذه الطاقة لا ينضب... 
- إختر أن تحدد لنفسك أهدافا في حياتك، وأن تقسم أهدافك لمراحل صغيرة لتتشجع أكثر كلما أنجزت جزئا من تلك المهمات التي ستقربك إلى هدفك... وإياك أن تتوقع أنك لن تواجه العوائق والتحبيط والمحاربة من حولك... فعدم وجود تلك العوائق وهم كبير، وليس منا من لم يواجه العقبات تلو العقبات في طريقه لتحقيق ما يريد، والفارق بيننا هو فقط، كيف نتعامل مع هذه العوائق... فلا تستسلم.
- إختر أن تبحث جيدا عن أساليب تحقيق أهدافك والتعلم ممن سبقك في المشوار وسعى لتحقيق ذات الهدف، وتأكد أن البشر يتشابهون في أشياء كثيرة وأن ما مررت به أو ستمر به سيشبه كثيرا تجارب غيرك، فإحرص على التعلم من تجارب غيرك قبل أن تكون أنت تجربة... يتعمل منها غيرك.
- إختر أن لا تستعجل النتائج وأن تبذل ما بوسعك بكل ما أوتيت من طاقة فيما يرضي الله، فليس هناك منا نحن البشر من بوسعه أن يقول للشيء كن فيكون، وحتى مجئينا لهذه الدنيا يمر بمراحل ويأخذ وقته، وكل من تراهم ينعمون بنجاحاتهم، بذلوا الجهد وإنتظروا وصبروا ونالوا نتائج صبرهم وإجتهادهم.
- إختر أن لا تقف عند الخطأ ولا تحبط بالفشل في تحقيق أي من أهدافك، بل إختر أن تتخطى الفشل وتتعلم منه وتعيد الكرة بإسلوب مختلف حتى تصل لمبتغاك... 
- ولا تنسى أن خوض التجربة في حد ذاته نجاح، قد لا تحصل معه على ما تريد من نتائج ولكن على الأقل خضت التجربة وخرجت منها بخبرة جديدة... 
- إختر محيطك بعناية، فهو من أهم المعطيات التي تدعمك لتحقيق ما تريد، وإن حكمت بمحيط طارد محبط، لا تتحجج بمن هم حولك لتبرير فشلك، لأن الكثير من العظماء ما أصبحوا كذلك إلا بإجتياز مراحل متراكمة من الخوض في بيئة حاربتهم أشد حرب وكانت أثقل حمل حملوه في طريقهم لتحقيق ما رسموا لأنفسهم من أهداف... فالعظمة في شيء لا تأتي من فراغ...
- إن إستطعت التغيير من محيط، فذاك أمر جيد وإن لم تستطع فلا تتأثر به سلبا ولكن حاول أن تؤثر به إيجابا...
- ولا تنسى إختيار الأصدقاء الخيرين، فالصديق قد يكون اليد التي تمتد لك وإن كان بكلمة، عندما تكون عالقا في وحل القلق أو الحيرة.
- إختر أن تتوقف عن التفكير السلبي وإبذل جهدك للنظر للجوانب الجيدة لكل أمر، متأكدا أن كل شيء له جانب حسن، وحسنه يأتي من قلة ضرره عن أي جانب آخر... 
- إختر تغيير نمط حياتك وروتينك اليومي، بداية من غييرة مكان فراشك وإتجاه نومك المعتاد، غير أثاث غرفتك، تخلص من أوراقك وحاجياتك الزائدة... وإختر أن تكتفي بما لديك ولا تكثر من محاولة الحصول على ما تريد ولكن إكتفي بما تحتاج...
- إختر أن تبقي على مالك بالصدقة كلما تمكنت وإستطعت، وجرب لذة العطاء والكرم لمن يحتاج ممن لا تعرفهم... 
- إختر أن تكون مرنا حازما... لا تكن متعصبا ولا تكن سهلا، لا تؤجل ولا تتسرع... صحح من مفاهيمك دائما، وتذكر أن تغيير القناعات أمر جيد إن كنت تبحث دائما عن الأفضل، وأن التمسك بالقناعات وإن كانت خاطئة فقط لتثبت أنك ثابت على مبدأ واحد يعتبر هدما للذات وتاخيرا للنجاح... 
- إختر التواضع ولا تنظر للآخيرن على أنهم أقل منك أو أعلى منك، وليكن مقياسك في ذلك هو الإحترام للجميع والإبتعاد عن من لا يليق بك البقاء بجانبه... 
- إختر أن يكون قلبك صافيا نقيا من البغض وإستعن على ذلك بالدعاء وحسن الظن بالآخرين ، و تذكر أن حسن الظن لا يعني السذاجة وعدم الحرص...
ولابد أن تتذكر أن التراجع والتوقف عن الخسارة، ليس خسارة بل هو ربح... فوقف الخسارة دائما ربح... فلا تخجل من الإعتراف بالفشل، الخطأ أو الخسارة... بل إعترف وقف وأوقف الخسارة وغير وجهتك لما سيحول خسارتك إلى ربح، وقد يكون الترك والإبتعاد عن شيء ربحا وليس خسارة...
إختر أن لا توقف حياتك على أشخاص، فالدنيا لم توجد لنبقى معا بشكل مؤبد، ولكنها مؤقتة كل شيء فيها مؤقت ولا بقاء فيها إلا لتوحيد الأحد وصدقة وعمل تلقاه يوم ستجتمع مع من أحببت إلى أبد الأبد... فلا توقف حياتك على أحد... وتقبل الخسارة والفراق المؤقت على أن يجمعكم في الآخرة خير مما جمعكم في الدنيا... 

إختر الخير لنفسك... ولا تختر التراجع والفشل... إختر المحبة والصدق والأمانة... ولا تختر الحقد والحسد والبغض للآخرين... فالمحبة تغنيك والحقد يهدمك... كن محبا للخير متأملا له من عند الله، ولتكن نيتك دائما الخير... وإختر الوضوح ولا تختر الغموض في تعاملك مع الآخرين... 
وتأكد... أن الثقة التي فيك لنفسك... ملكك أنت وحدك وأنت فقط من يستطيع أن يمنحها لك... وأن كل من حولك، سيتعامل معك بما تتعامل به أنت مع نفسك... فتعرف على قدر نفسك بنفسك... واعرف قدر نفسك وقف عنده... يرحمك الله.


شكرا
أكمل قراءة الموضوع...

الجمعة، 29 يونيو 2018

كيف أصبح طعم الأشياء مختلف عما كان عليه؟

By 1:30 م
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته 



لابد وأنك حدثت نفسك بهذا الأمر من قبل... فلم تعد الكثير من الأشياء تحمل ذات الطعم الذي كان في السابق... ولا المتعة التي كانت تحملها الأشياء على بساطتها... فعلبة التونة الواحدة كانت تكفي تسعة أشخاص ويستمتع الجميع بها وبطعمها، رغم قلتها وندرة تكرارها... 

وإن لاحظت فإن هذا الأمر بات يتسارع أكثر من ذي قبل، فما كان يحتاج لسنة أصبح يحدث في شهر وربما أقل... فالتسارع في إنتشار المعلومات وكثرة المنتجات وتحديثاتها وظهور جديدها، كتسارع البشر نحو جني المال لهثا وركضا منسيا للحال ومضيعا للوقت مقلّا للبركة، إلا من رحم الله. 

ولكن حقا... لما لم تعد الأشياء بذات الطعم الذي كانت عليه؟
الاسئلة متكررة في ذهنك الآن... تذكر تلك الشطيرة؟ قطعة الحلوى... صحن السلطة "الشرمولة" طعم الطماطم كان مختلفا وكذا الزيت والخبز... مختلف تماما... حتى وإن كان في صحن رخيص وضع على قطعة نايلون أو بعض جرائد كي لا يتساقط فتات الخبز على ما تحته من فرش... أتذكر؟ كيف كان ذاك الطعم والأيدي تتخاطف اللقيامات؟ لما لم تعد تجده الآن كما كان فيما سبق في الأشياء البسيطة حتى وإن حاولت جمع مقاديرها مجددا معا اليوم؟. 

قيل أن الرضيع الذي يعتاد على الحليب المعلب يرفض حليب أمه... ذلك أن حليب العلب أكثر حلاوة في فمه... 
وكذلك من جرب الخبز الأبيض ... لم يعد يستسغ الخبز الأسمر... كما أن الزميتة لم تعد محببة لمن إعتاد البريوش والحليب المخفوق... والتمر لم يعد مصدر السكر المحبب لنا... وإن كنا نعرف فائدة تلك الأطعمة... 

كانت الأشياء أكثر طعما لأننا لم نكن نعرف أو نجرب غيرها... كانت أفضل لأننا لم نكن نتطلع لما هو غير ولما هو ليس بين أيدينا وربما لأننا لم نعرف غيره من الأساس لما هو مختلف الطعم ... ولأنها كانت أفضل ما لدينا وكنا به نقنع... 

شطائر التونة، مشروب البتر الغازي، الطعمية من مقصف المدرسة، أو زجاجة الميرندا التي تشبه الفيتامن سي الفوار في طعمها... أو البيض المقلي أو حتى من إعتاد على خبز وزيت وسكر... كان طعمها مختلفا... كما كانت الحلوى الطحينية التي يبدو أنها لم تعد في قائمة الطعام في البيوت إلا ما ندر... لعدم رغبة الأجيال بها وبطعمها...

حتى السيارات الغير مكيفة تلك التي ليس فيها أي نوع من الكماليات كانت أفضل لأننا نراها ولا نرى غيرها وربما جميعنا يركبها راضيا وإن كانت شمس الظهيرة تلفح الظهر واليد اليسرى تكاد تكون ببشرة سوداء أو حمراء مختلفة عن اليد اليمنى... ولم يكن هناك شكوى من قلة قطع الغيار لأن الحل البديل المعروف بالتلفيق أو "الموديفكا" هو أول ما يخطر على البال لأنك لا تتطلع لغيره وأنت به راض... كنت تسمي قطعة اللحم العالقة بين ضفتي الخبز وعليها بيضة مقلية وقطعة جبن إن وجد برجر وتفرح فرحا شديدا إذا ما تناولتها وتشعر أنك أصبحت ملكا إذا ما شبعت بها... أتذكر كيف كان الإحساس بالأشياء البسيطة؟
... 
شطيرة التن ( نص بالتن أو بالطن ) كانت الأفضل لأننا لم نعرف البرجر والسكالوب ولا الشاورما والفاهيتا ولا الأسماء المخترعة حديثا وإن كانت كلها تحمل ذات المقادير... ولكن طعمها يختلف لأن العقل يقول لصحابه أنت تأكل البربكيو ولست تأكل المشوي... 
ولم نكن نعرف البريوش ولا الشكلاتة التي كان أفضلها شكلاتة تصنعها الأم في البيت أو إن كنت محظوظا شكلاتة ورد لأنها الشكلاتة الوحيدة التي عرفناها فكانت بالنسبة لنا أفضل من شكلاتة سويسرا التي لم نكن نعرفها على كل حال وكنا مقتنعين ومرحبين بهذه الحلاوة التي تذوب في الفم فتنعش النفس والرضا تسقيها...

معرفتنا بكل جديد جعلت من الطعم لما نعرف يتغير في مستقبلات الطعم في أدمغتنا فأثرت على إختياراتنا وقراراتنا ولم يعد الطعم الأول يرضي ولا يرسل ذات الرسائل الممتعة للطعم الذي كان أفضل ما يعرفه، فقد بات يحير في الإختيار بين هذه وتلك...وإن كنا نعلم أن ما لا نستطعمه ولا نريده أكثر صحة من غيره، وهل يعلم الرضيع ذلك؟ لا ولكن عقله يقول أريد الأحلى... وإرتاحت الأم من الرضاعة على كل حال... 

لذا  تغير طعم كل شيء الآن ، فقد فتحت علينا أبواب الدنيا بكل الخيرات وتذوقنا الكثير... أكثر من شطائر التن وربما باتت أعيننا ترى أكثر مما نتذوق فلم يعد ما بين أيدينا يعجبنا ولا يسلينا... وبقي ذاك الطعم وتلك المتعة التي كان مصدرها القناعة حلما يراود الجميع وحسرة في قلوب الكثيرين عندما تحدثهم عن أي شيء قديم كان له طعم القناعة أنه أفضل ما هناك... 
ولعل إنتفاح أبواب الدنيا وتنافسنا عليها نزع من قلوب الكثير منا الرضا والتأخي والمحبة التي كانت تتوفر مع لقيمات قليلة... ورضا في القلب كثير... وهو ما زاد من مرارة طعم كل ما نأكل وأذهب الكثير من لذة حياتنا التي عهدنا ونحن نسأل لما حدث ذلك... ورغم تناولنا لكميات كبيرة من كل شيء إلا أننا نادرا ما نشعر حقا بطعم ما نأكله... إلا من رحم الله منا... 

وهنا يظهر الفرق بين أصحاب الرضا الذين يقنعون بما بين أيديهم وبمن يعلق العقل عندهم بما لم يمتلكوا فتمتد أعينهم لما ليس لهم، فلا هم عليه حصلوا، ولاهم بما بين أيديهم إستمتعوا... 

وبذلك قد تكون البركة فيه قلت والكمية مهما كثرت لم تعد تكفي، والطعم الذي لم يتغير، لم يعد صاحبه يستطعمه كما كان عندما إمتلك القناعة...
وقد لا يتوقف تأثير ذلك على الأطعمة فقط... فحتى المعروض في الشوارع وكل وسائل المعلومات من فتيات بات يفسد على الزوج زوجه وعلى الأسرة بيتها وسيارتهم واحذيتهم حتى لم تعد مرضية... ولعلك لاحظت الإختلاف في المناسبات وفي الزيارات الأسرية وإجتماع الأسرة بين الماضي عندما كنت صغيرا لا تدري عن خصام هذه الزوجة مع تلك ولا الأخت وأمها ولا الأب وأخيه... وكان كل همك في أن تلعب وأنت تظن أنك أسعد إنسان لأنكم زرتم بيت جدك وإجتمعت بأبناء عمك وخالك... وربما الجميع لديهم ذات الأحذية... 

إن أردت إسترجاع ذاك الطعم الذي تتذكره الآن وتكاد تستطعمه برأس لسانك...
إحرص على الرزق الحلال... والقناعة والرضا الذي عليك أن تفسح له المجال في صدرك حتى يرتاح وتهنأ أنت بإتساعه... 
إحرص على الحلال لتقيم عندك البركة ولا تغادرك... أغمض عينيك عن ما تمتع به غيرك وإصنع لنفسك حياة تستطيعها أنت دون لهث وراء ما لدى الآخرين... ولا تبحث عن ما يتمتع به الآخرين... فمتعتك تختلف عن غيرك وكلنا نختلف عن بعضنا بدرجات...

جرب تغمض عينيك عن ما لدى غيرك وإبحث عن الحلال... وستعرف كيف يعود طعم الأشياء أفضل كما كان عليه... 


شكراً... 

أكمل قراءة الموضوع...

الأحد، 17 يونيو 2018

كيف تنجح في حياتك...

By 1:58 م
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته 



النجاح وما يأتي معه من شعور مفعم بالسعادة والثقة في النفس والتأكد من القدرة على الإنجاز.
 
ولكن ما هو تعريف النجاح؟

هل هو إنجاح مشروع كنت تسعى لإقامته؟... وإذا ما فشل المشروع تكون أنت فاشلا؟
أتراه أداء وظيفة على أكمل وجه دون إغضاب الإدارة أو الحصول على إنذارات بسبب التقصير؟

أم هو تربية أولادك ليخرجوا للمجتمع بصحة نفسية وعقل سليم؟

أم يكون النجاح في الحصول على أعلى درجة في إختبارات الشهادة ومن ثم الجامعة فالدكتوراة؟

لا شك بأننا يجب أن نتفق أن كل إنجاز سعى له صاحبه وحققه هو نجاح على الأقل بالنسبة له ولمقاييسه، ومن المفترض أن نبارك هذا النجاح ليس لأننا نعتبره نجاح أو أنه أمر تافه بالنسبة لنا ولكن لأن صاحبه بذل جهدا في تحقيقه وهو وضع هدفه نصب عينيه وسعى له وحققه، إن كان ما حققه لا يخرج عن إطار المباح... 
 
طفلك الصغير الذي ينجح في أن يخطو خطوته الأولى...
تلقائيا تصفق وتفرح وتغمرك السعادة وتحتضنه وتعد ذلك نجاحا كبيرا بالنسبة لك وله في مسير تطوره ونموه وإن كان هذا الأمر بديهيا طبيعيا...

ولكن تحقيقه لهذا الإنجاز في لحظته كان نجاحا كاسحا يستحق الإحتفال الصغير الذي أقيم ...

من يخاف من قطع الطريق من رصيف إلى آخر. عندما يصبح على نفسه معتمدا في ذلك يكون قد نجح في التغلب على مخاوفه وزادت ثقته في نفسه لأنه حقق هدفا وتخطى حاجزا قد لا يكون شيئا يذكر لملايين من الناس غيره... ولكن هل نقلل من شأنه لأننا نعتبره أمرا تافها عاديا لا يذكر؟ 
لا نقلل من شأنه ولا نبالغ فيه أيضا ... ولكنه يعد بالنسبة له نجاح في حياته... وقد يؤدي به إلى نجاحات أخرى... 

ماهو النجاح في حياتنا وكيف نحققه...

ما تحتاجه لتحقيق النجاح في حياتك هو: 
الهدف... ماهدف حياتك الذي إخترت؟ وما الذي ترغب في أن تقضي فيه وقتك تشغل به نفسك ولا تبرحه حتى تنجزه وترى نتائجه؟

الوسيلة... كيف يمكنك الوصول لتحقيق هدفك؟ ما الذي سيعينك عليه وما الذي يقربك من تحقيقه؟ ومن أهم الوسائل هي العلم فكلما ازددت علما في المجال لما أردت تحقيقه كلما تمكنت من نفسك وَمِمَّا أردت تحقيقه.

الوقت... العنصر الأهم الذي تقوم عليه الحياة فوجوده يعني أنك حي ونقصانه يعني أن النهاية قربت وبالتالي إستغلاله الإستغلال الأمثل مهم جدا ولا بد أن تعي أهميته قبل أن تفقده، وتعرف كيف تنظمه لتصنع منه سلما ترقى به لهدفك... وهو ما يأتي بنا للنقطة التالية وهي... 

الصبر ... على مصاعب وعقبات ستواجهك بكل تأكيد لأنك تخوض في المستقبل الذي يتجلى أمامك كلما خطوت خطوة إلى الأمام، وكلما إمتلكت من الصبر على نفسك قبل ما يحيط بك من عوامل كلما فتحت لك أبواب جديدة في ذهنك سمحت لك بمقاومة المغريات من حولك وألزمت نفسك الإستمرار في العمل لتحقيق ما تريد 

علو الهمة والإصرار والمثابرة وأن تجد في نفسك الثقة والقدرة للسير في هذا الطريق لتحقيق هدفك حتى وإن كنت أنت الوحيد الذي يراه ومن حولك قوم يسفهون أفكارك وأحلامك... إن كنت أنت تراه وربما تكاد تلمسه وثقتك فيك عالية للوصول إليه...ولا يتعارض مع إيمانك بالله، فما عليك إلا أن تجمع المقادير وتعطيها وقتها حتى تحقق ما تريد 

ولا ننسى أنه ليس للناج طريق واحد... 

وهل إذا ما لم تصل إلى النهاية بتحقيق ما رميت إليه وبذلت له الجهد وأعطيته من نفسك تكون فشلت؟

الفشل لا يعني عدم إنجاز الشي والخروج بالنتيجة التي أردت...

ولكن الفشل الحقيقي هو هزيمتك أمام العقبات وإستسلامك وتوقفك عن المحاولة والبحث عن طرق مغايرة لتحقيق إنجاز تخطيك هذه العقبات...
ذاك هو الفشل الحقيقي الذي يضيع تجربتك وإستفادتك منها إن فعلت...

أترى... هل نقول فشل سيدنا نوح في تأديه واجبه الذي كلف به لأنه لبث في قومه قرابة الألف عام ولم يؤمن له إلا قليل؟

لا بل أداها على أحسن ما يمكن لبشر أن يؤديها في تلك الظروف لأنه لم يضعف ولم يستسلم ولم يتوقف. 
بل قاوم وبذل الجهد والوسيلة وكل ما توفر له لنشر الدعوة بالرغم من معارضة الغالبية من الناس حينها.

أنبياء كثر لم يُؤْمِن لهم إلا القليل... ولكنهم نجحوا في إيصال رسالتهم وإن لم يُؤْمِن لهم أحد... ولكنهم أدوا ما عليهم بنجاح وهو التبليغ...

فالفشل يكون في عدم التبليغ وهو الفشل الحقيقي الذي يجب أن تحاربه في نفسك بأن تبذل جهدك وتستمر في بذلك حتى تصل إلى النهاية...
ومهما كانت النتيجة حينها تكون قد نجحت في حياتك أنك عزمت وبذلت وحققت وإن لم تحصل على النتيجة التي ترجوا.

وكل أمر في حياتك متوقف عليك أنت وكيف تتعامل معه وما الإختيارات التي تختار دون غيرها. 

ويبقى لك أمر واحد يجب أن لا تنساه... وهو أبعد من النجاح وأكثر أهمية وهو الفلاح... أن تحقق الفلاح في دنياك وآخرتك 

بأن تكون عبدا لله مؤمنا مطيعا وأن يكون كل عمل تسعى لتحقيقه في رضا الله هدفا وفِي رضا الله وسيلة وفِي رضا الله تحقيقا...

وتأكد أنك إن سعيت لنجاحات الدنيا وأنت حريص على الفلاح برضا الله فإنك وإن مت قبل تحقيق أي شيء في حياتك ماديا دنيويا... فإنك ستكون أفلحت وحصلت على رضا الله عنك...

ومن رضي الله عنه... ماذا يحتاج أكثر؟

شكرا...
أكمل قراءة الموضوع...

السبت، 2 يونيو 2018

كيف تعلم الأم أولادها السرقة

By 2:42 م
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


من المفزع والغريب أن نفكر في أن يأتيك الضرر من مأمنك... وهل هناك أكثر أمانا لنا من أمهاتنا... والأباء
وهل وجد الرضيع أكثر حنانا من حضن أمه راحة وطمأنينة وشبع؟
 
لا تتخيل أبدا أن تُعلم الأم أولادها شيئا من السيئات الخبيثة لما فيها من تعدي على الآخرين وحقوقهم. 
ولكن كيف تعلم الأم أولادها السرقة؟

جُل ما يفعله الأهل مع أولادهم له دافع أساسي مشترك، اللهم يكون في قلوبهم مرض وليسوا أهلا للزواج والإنجاب من الأساس، وهو النظر لمصلحتهم ومستقبلهم ولكن هناك عامل قد يتدخل في هذه الأحكام وهو قلة الصبر ويلحقه الإحباط وإستعجال النتائج وتوقع طاعة ومطاوعة الأولاد لكل ما يقال دون تأخير ولا تردد فطاعة الوالدين واجبة.
ينسى الأهل أحيانا أن أولادهم كيانات مستقلة تتشكل بنحت تصرفاتهم وردود أفعال ذويهم، وينسون أن كل كيان مستقل يملك من الغرائز ما يملكه غيره وبيد الأم خاصة والأهل بالعموم تفعيل وتثبيط أي من تلك الغرائز وما يقابلها من قيم وأخلاقيات تكبح تلك الغرائز في حالات إنحرافها وحيادها عن المسلك السليم المتعارف به فطريا... عندما تتعرض لمغريات الحياة المحاصرة لنا من كل جانب.

إليك هذا المثال 

جهزت الأم وليمة غذاء لضيوفها أصحاب الشأن عندها، فأكرمت الصحون وزينت الجلسة وأعدت ما تلذ به العين وتشتهي الأنفس... 
رأي الطفل صاحب السبع أعوام، كل هذه المغريات بالترجمة الخاصة به والتي يسيل لها لعابه ولا مانع بينه وبينها إلا رفع نفسه والوقوف على رأس أصابعه لتمتد يده ليحصل على ما يشتهي ولم يعتد رؤيته في سفرة غذاءه المعتادة...
وما أن تلامس أطراف أصابعه تلك القطعة الشهية حتى ترعد السماء بصوت صارخ يقض أطرافه ويهز كيانه ويصدم طفولته ومعها لسعة حارة على اليد التي تجرأت على أن تمتد لما أعد للضيوف... وما ذنب هذا الصغير أنه إشتهى شيئا أعطي العناية التي كان هو أولى بها؟

تنتهي الزيارة ويتبقى من الطعام أغلبه...فبطون الأشراف صغيرة وهيأتهم تقف حاجزا بينهم وبين تناولهم الطعام كما يفعلون في بيوتهم، ولكنه بات باردا مرقعا كل قطعة فيه من صحن وبقايا حبات الأرز البارد تلوثه... لم يعد شهيا كما كان... وليس فيه تلك اللمعة والحرارة التي انطفأت وبهت إغراءها... 
ألا يعجبك الطعام يا حبيبي؟ آه أنا متعبة لننم الآن غدا نسخن الطعام ونتناوله على الغذاء، أليس أفضل من أن نلقيه في القمامة؟

في يوم آخر... 

تأخذ الأم طفلها معها للتسوق... متناسية تأثير الألوان عليه تمر بجانب أرفف الحلويات والسكاكر والشكلاتة... فيدخل الطفل بعقله عالم العجائب وتسحره المغريات، ولكنه يستبشر عندما يرى أن يد الحنان وقعت على علبة شكلاتة لم ينتبه لها وهي مليئة بأنواع مختلفة من التشكيلات فيتمزق وجهه إبتساما ويطرب قلبه ويهتز جسده ويشعر بالسعادة أنه الليلة سيسبح في بحر الحلويات ويتكئ على شاطئ الشبع. حتى أنه تخيل منظره وخده الوردي ملطخ بالشكلاتة...
فأمسك بالعلبة متطوعا لحملها... ونظرات الحب تجاه أمه تملاأ عينه البريئة...
يالها من لحظة تسجل في الذاكرة تستذكرها بعد سنوات ... عندما إشترت لي أمي علبة الشكلاتة... تلك اللذيذة.
يعود إلى البيت وقد نام في الطريق رغم مقاومته للنعاس والعلبة بين يديه...
ليفيق لاحقا مسرعا بحثا عن العلبة بعد أن رآها في الحلم وشبع منها... ولكنه لم يجدها... دمعت عيناه ظنا منه أنهم إنتهوا منها ولم يذكروه بشيء منها... ولكنه لم يجد أثرا لأغلفتها في القمامة... أين هي...وأين أمي؟  ليتوقف عنده كل شيء بدخول أمه عائدة من زيارة صديقة لها... فركض مرحبا حزينا متسائلا... ماما أين علبة الشكلاتة التي إشتريتها لي؟
ليس الآن يا حبيبي ماما متعبة الآن... لتجلس ممسكة بهاتفها تخبر صديقتها عن جمال وروعة العزومة التي أقيمت اليوم وأنها إستحت أن علبة الشكلاتة التي اخذتها هدية لم تكن في المقام وكانت اقل هدية... فيخفض رأسه وينصرف والدمع عالق يأبى الإنزلاق على خديه...

موقف قد تعدها الأم بسيطة... ولكنها في عقل الطفل مؤثرة عميقة... 
فإن كبر الطفل على ذلك دون وجود إهتمام من الأم بهذه التفاصيل وكذلك دون إفراط في توفير ما يريد ودون تدريب وتهذيب للرغبات والحوار المستمر والحديث العاقل بين الأهل والأولاد حتى يتربى فيهم المنطق ويجدوا سببا لكل ما يفعل الأهل ويقتنعوا أن كل ما يفعله الأهل حقا هو في مصلحتهم... فإن غريزة الحصول على ما يظن أنه أخذ منه وهو حقه ستغلب عليه ليجد وسائل متعددة للحصول على ما يريد متى ما أراد دون علم الأم متحاشيا رعودها والأعاصير... وهي تتساءل عن من أخذ قطع الشكلاتة وأعاد العلبة في مكانها كأنها لم تمس؟ وأين إختفى الدينار الذي كانت وضعته على حافة النافذة لشراء الخبز وتشك في أنها أصبحت تنسى كثيرا وتزداد إحراجاتها مع الضيوف عندما تكتشف أن صحن الحلويات الذي خبّأته أكل الفأر نصفه ويزيد ...

مثال فقط عن كيف للأم أن تعلم أولادها السرقة... وقد تتنوع الأساليب وكلها يتمركز في عدم الإتزان في الإهتمام بنفسها وبيتها وأولادها الذين غالبا ما ينسى الأهل أنهم إنسان وإن كان صغيرا وإن كان لا يجيد محاججتك وإن كنت أباه أو أمه فلا يعني ذلك أنك ملكته فمهمتك ليست التحكم فيه إنما إعداده حرثا للآخرة حينما ستهرب منه أو تجد أعمالا متراكمة قام بها هو وذريته فرفع قدرك...

كن متزن في التعامل مع الأولاد لا تعودهم على توفير كل شيء ولا تقطع عنهم كل شيء وتعطيهم فضلات ضيوفك... وازن بين حزمك ودلالك وإياك والتحجج بهم لتوفير ما لا تستطع توفيره...
يفهم الأطفال كل شيء إذا ما أعطيتهم الفرصة ليفهموا... 
فعلمهم أن الشراء يكون عند الحاجة وليس عند الرغبة... إن أردت أن تدربهم للحاضر ولمستقبل لن تكون فيه معهم.
علمهم أن يوفروا ثمن ما يرغبون في شراءه وساعدهم على التوفير حتى وإن كنت تملك ثمنه حالا... ليتدربوا على الصبر لا على الإلحاح للحصول على رغباتهم والشهوات.
عودهم أن لكل شيء وقته المناسب ليتعلموا الصبر ولا تنسى أن تعلمهم أن قيمتهم ليست فيما يملكون من ماديات، إنما فيما في قلوبهم من تقوى الله وحبه... إزرع فيهم القناعة... وربما عليك أن تزرعها في نفسك كي تستطيع مدهم بها.

سؤال: لما تحدثت عن الأم ولم تقل الأب ؟
الأمر مشترك بين الأبوين ولكن كما قالت التي سمع الله قولها وهي تجادل النبي... إن دفعتهم إليه ضاعوا وإن أخذتهم إلي جاعوا... وذلك لأن الأم أقرب لإبنها في سنواته الأولى من والده، وهي من يهتم بتنشئته... وهي كذلك على الأقل حتى يبلغ السابعة من عمره
وبما أنك عرفت ذلك... فحاول أن توازن بين صلتك بأولادك وبين رغبتك في تدريبهم وتربيتهم والبحث عن الستر مع الضيوف، ولا تقل لا ذنب لهم من دون الآخرين لا أريد أن أحرمهم... والحرمان ليس في الماديات... إنما الحرمان فيما تمنحهم من حنان وعاطفة وتجهيز للغد...


شكراً...


أكمل قراءة الموضوع...

السبت، 5 مايو 2018

كيف تسعد أولادك؟

By 2:39 م
السلام عليكم و رحمة الله وبركاته


 هل حقا يحتاج هذا السؤال إلى إجابة أو شرح لكي تعرف كيف تسعد أولادك؟ 
وأنت تعرف جيدا أن السعادة تأتي بتلبية الإحتياجات وتوفير الرغبات، فكلما إحتاج إبنك شيئا ما عليك إلا أن توفره له لترى السعادة تغمره لتنعكس عليك أنت بشيء من الهدوء والسكينة إلى حين. 
فهل حقا إسعاد الإبناء يكمن في توفير رغباتهم وما تشتهي أعينهم مما تراه حولهم في الأسواق والشاشات أو ما يرونه عند أقرانهم في المدرسة أو النادي حتى لا يشعروا بالدونية والقل أمام البقية؟

أم أن التوفير للرغبات يأتي من دافع الرغبة في عدم حرمانهم مما حرمت منه أنت عندما كنت صغيرا، ورفض والداك توفير كل ما حلمت به وبكيت حتى جفت دموعك وأخذك النوم ليعتقد الجميع أنك نسيت ولكن ما أردت بقي مطبوعا في ذهنك والآن لا تريد لذلك أن يحدث مع أبناءك؟ 

ولكن قد يتوجب عليك أن تسأل نفسك، إلى متى تستمر تلك اللحظة من السعادة بإمتلاك ما نريد؟ هل السعادة التي تمنح بتلبية الرغبات لها أمد بعيد؟ وما هي نتائجها على المدى البعيد يا ترى؟ 

هل ستكتفي بأن تقول أنني نجحت في أن لا يختبر أولادي التجارب السيئة التي مررت بها في حياتي، وأنت حقا لا تدري إن كنت قد جعلتهم يمرون بتجارب مختلفة تماما قد يرونها بذات السوء الذي رأيته أنت من والديك وقد يسبب ذلك في رغبتهم في عدم فعل ما فعلت لتجنيب أبناءهم ما إختبروه معك... وما ظنك بما تفعله إلا أنك تحسن صنعا وتبذل جهدا وتسعدهم... بما تعتقد أنت أنه السعادة... 

كيف تسعد أولادك حقا؟ 

كم مرة رغبت في شيء بشدة وإستحكم فيك وسيطرت عليك رغبتك حتى أهملت كل شيء إلا فكرة الحصول على ذاك الشيء؟
وأظنك مررت بذلك في حياتك عديد المرات، ولعلك الآن تذكر تلك اللحظات التي حصلت فيها على ما تريد وكيف أن رغبتك الجامحة تلك مرت بتجربة سقوط الجمرة في الماء وإنطفاء كل الوهج وزهدت فيما حصلت عليه... لتكتشف دون أن تدري أن المتعة الحقيقية كانت في السعي للحصول على الشيء لا في الحصول عليه... 

فهل توفير الرغبات يعد إسعاد للأولاد؟ 

نعم يعد إسعاد لهم في حينه، لأننا بطبيعتنا نسعد بالعطايا وكلما أُعطينا شيئا فرحنا به، ولكنه قد يكون إسعاد مؤقت... ولكي لا نجعل السعادة التي نمنحها لأولادنا مؤقته إذا علينا التأكد أن ما نقدمه لهم فيه درس يعلمهم كيف يواجهون الحياة وحدهم عندما يكون كل منهم مطالبا بذلك... 

فيكون الحرمان مما رغبوا أحيانا فيه سعادتهم المستقبلية، فمنعك ولدك من شيء أراده وأنت قادر عليه، يكون تدريبا له على الصبر والإنتظار.

ولكن كيف تفعل ذلك وتنجوا من الصراخ والإعتراض والدموع والعتاب والخصام؟
ذاك سؤال مهم لابد من الإجابة عليه، وتذكر أنه يحتاج منك أن تكون مربيا، و المربي يحتاج إلى الصبر والمثابرة والمداومة على برنامجه التربوي الذي يكون تلقائيا مع الوعي المطلوب لهذه المهمة... وفيه من الفطرة الكثير أيضا عندما تختلط بالحكمة والوعي... وعليك أن تبحث و تثقف نفسك أكثر في هذه المسائل حتى تحسن صنعا في تربية أولادك وليس فقط تغذيتهم وكسوتهم.

ولكي لا يكون هناك رد فعل إعتراضي من طفلك يفتح عليك بابا لا تريده، وغالبا ما يعطي الأباء أبناءهم فقط ليسكتوهم فيتعلم الطفل هذه الوسيلة ويستعملها تجاهك وينجح فيها ... فإنك من الواجب أن تكون قد هيأته منذ البداية وهي عمر الصفر. لهذه الحالات التي تكون فهيا أنت رافض لتلبية رغباته فقط لأنه رغبها إستحق ذلك، لديك الإمكانية، أو أنك تستطيع أم لا. 

والتهيئة تكون مسبقة لذلك، بأن تزرع الثقة فيه تجاهك، بحيث أنه يثق حقا في كلمتك، بالتالي تجنب الكذب عليه، وتجنب إجابته عن أسئلته بإجابات تصرفه بها دون أن تتأكد أنها إجابات صحيحة، وتذكر أيضا أن إجابتك بلا أعلم أفضل من إجابتك المموهة الغير صحيحة، وكذلك لا تنسى الوفاء بكل وعد تقطعه له حتى يثق حقا في كلمتك ووعدك ويطمئن لكل كلمة تقولها، ولابد أن تبين ذلك بشكل مستمر كلما سنحت الفرصة بشكل ودي ومحبب لطفلك. 

ليس هذا وقتها، من الجمل التي قد تساعدك على تهدئة إبنك إن كنت قد زرعت فيه الثقة فيما تقول وتعد به، بحيث أنه يقتنع منك بأنه ليس وقت الحصول على هذا الشي، والإجابة على السؤال، ومتى وقتها؟ هو أن نقول سيأتي وقتها وأخبرك، وواجب عليك أن تتذكر وقتها قبله وتعطيها له عندما يناسبك الوقت وتقول له، هذا هو وقتها... وبذلك و تكراره تكون قد زرعت فيه ثقة لن تتزعزع. 

وبصبر المربي تكون قد هيأته لرفض طلباته أو تأجيلها، حتى يتسنى لك تعليمه الصبر، وتعليمه الإستغناء عن أشياء قد لايحتاجها ولكنه فقط يرغبها، وهو من أهم ما يجب عليك تعليمه وزرعه في أولادك حتى تدربهم على مواجهة الحياة براحة وهدوء بعيدا عن الجزع و الهلع المصاحب للحرمان من أشياء مادية. 

وكيف تسعد أولادك؟

تسعدهم بأن تهيئهم لمواجهة الحياة المواجهة الصحيحة، التي تمكنهم من عيشها بما يرضي الله وعدم الإقبال على الدنيا بتلبية طلباتهم كلما رغبوها حتى يعتقدوا أن السعادة الحقيقية هي الحصول على ما يريدون، بل السعادة الحقيقية هي في إعطاءهم القدرة على مواجهة الحياة بالصبر والإيمان و اليقين والإستغناء عن ما لا يحتاجون، والعيش بالقليل مع السعي لتحقيق ما يرغبون، وأن السعادة الحقيقية لهم في إعطاءهم هذا التدريب الذي لابد أن يبدأ من سن مبكرة حتى تجد ثمرته عندما تفتح كتبهم ويصل كل منهم لسن الرشد التي نسميها مراهقة فتكون مراهقتهم واعية وليست طائشة... وكذلك أن تكون القناعة الحقيقية بأن السعادة في الدنيا مهما طالت هي مؤقتة، ومهما إمتلكت شيئا فإنه سيبلى و ينتهي ويكون هناك غيره أفضل منه... وأنك إن أردت أن تكون سعيدا حقا... فأطع الله وسيجازيك الله في الآخرة ما ستسعد به ولا يبلى ولا ينتهي ولا يبيد...

فكيف تسعد أولادك؟ ...


شكراً...

أكمل قراءة الموضوع...

الجمعة، 16 مارس 2018

كيف تتعامل مع أولادك في فترة المراهقة...

By 1:11 م
السلام عليكم و رحمة الله وبركاته 


المراهقة ، تلك الفترة التي أثقلت بالأوهام والإتهامات وكانت الشماعة التي تعلقت عليها أفعال كثيرة وإنحرافات أكثر ، لأن العلم أثبت أنها الفترة التي يتحول فيها الإنسان من مرحلة لمرحلة وإن كنا لا نحتاج للعلم لأن يثبت لنا ذلك فكلنا بتلك الفترة ممرنا ، وأن التغيرات الهرمونية التي تطرأ على الأجساد تؤدي إلى وجود مزاج حاد ومتقلب وإعتراض ورغبة في الثورة على كل شيء وأنها الفترة التي ينجذب فيها الإنسان للجنس الآخر ويبدأ في إكتشاف نفسه ويذهب البعض إلى حد أن ما يفعله الإنسان في هذه الفترة غير محاسب عليه لأنها تأثير تلك الهرمونات الطبيعية التي لا تأثير للشخص عليها...

هل تصدق هذه الأوهام؟ وإن كانت جزء بسيط مما يعتقده الكثير من الناس؟ 
هذه ليست أوهام شهدت على ذلك بنفسي...
نعم ستشهد على ذلك بنفسك لأسباب نحن أصحابها ليس إلا...

لعلك لا تنكر أن نهجنا في التعامل مع المشاكل في حياتنا بشكل عام إلا من رحم الله ، هو عيش الحياة حتى تقع المشكلة أو الكارثة ومن ثم التعامل معها ، حتى وإن كنا نرى الأعراض والمؤشرات التي تؤكد أن الكارثة على وشك الحدوث... و قليلا ما نقدم بين أيدينا أفعالا تمنع حدوث تلك الكوارث... أو الأحداث... فكما ذكرنا سابقا أن أفضل طريقة لمنع الفضيحة من نشر صورك عن طريق من أرسلت له ، هي أنك لا ترسل صورك أساسا ، وأن لا تفعل الخطأ من البداية وأنت تعلم أنه خطأ... وكتابك بين يديك يخبرك بالخطأ كما تفعل حاستك البشرية للتمييز بين الخطأ و الصواب...

وربما القانون ذاته ينطبق على فترة المراهقة والتعامل معها.. 
هل سألت نفسك ... أين كانت فترة المراهقة عند أجدادنا وأجدادهم؟ أين كانت فترة المراهقة في عند الصحابة مثلا قبل وبعد إسلامهم؟ 
فما الذي فعلنا بأنفسنا ، حتى أصبحت فترة المراهقة كما نعرفها اليوم  شماعة لها السمع و الطاعة، وقد آمنا وصدقنا بتعريفات الغرب الغير مسلم بما وصفوا به هذه الفترة وأسلوب تعاملهم معها مختلف تماما وبعيد عن الصحة... 

ولتعرف كيف تتعامل مع هذه الفترة عليك أن تعرف سبب حدوث كل تلك التصرفات من المراهق في هذه الفترة ، والحقيقة أن السبب الرئيسي لهذه التصرفات هو المربي ، وهو أنت ... نعم المربي هو السبب... 
المشكلة حقا تكمن في المربي الذي يتعامل مع أولاده كأنهم أطفال حتى بعد البلوغ... 
وإن أردت أفضل تعامل مع فترة المراهقة فإبدأ التربية وتحميل المسئولية في السن المناسبة والتي بتنا نسميها مبكرة ، لتهيئة لهذه المرحلة... إن أردت الأمر في نقاط ليكون أسهل للتتبع... وهي محاولة تقسيمها دون وعد بالنجاح في ذلك... 
حاول أن تستحضر نفسك وطفلك وانت تقرأ وما تعرف وما يمكنك حقا تطبيقه عمليا... 

- إكسب ثقة أولادك بعدم الكذب وبالوفاء بالوعد والوضوح في كل المعلومات التيتقدمها لهم "سبق التفصيل في هذه النقطة"
- كن واعيا في مسألة إختيار ألعابهم وحبذا تختار دائما الألعاب الجماعية التي بها حركة أكثر من جلوس أمام الشاشات "سبق التفصيل فيها"
- أكثر من الحوار معهم وتذكر أن عقولهم مكتملة تحتاج فقط للمعلومات ، فكن مزودا لهم بمعلومات صحيحة من البداية وتحدث معهم بإسلوب مباشر بما يناسبهم ، وإحذر من تصغير الكلمات والتصرف كأنك في برنامج أطفال لا يساعد في ذلك ، فتصرف بشكل طبيعي وقسط المعلومات فقط بدلا من تغيير الكلمات محاولا جعلها أوضح لهم وهذا خطأ... فادح ، فالكلمة غير موجدة في عقله وإن أعطيتها له صحيحة سيستقبلها صحيحها و تبرمح عنده... 
- أعطهم فرصة للحديث دائما وإستمع لما يقولون وصحح لهم الخطأ بعد أن يكملوا حديثهم والأفضل أن تصححه بقدوة وبمعلومة مرتكزة على ما أمر الله به ونهى عنه. 
- هيئهم لمعرفة التطورات التي ستطرا عليهم في أجسادهم بالطبيعة الإنسانية، وأنها علامات طبيعية تؤدي إلى النضوج الذي سينقلهم من الطفولة إلى التكليف ، وقسط لهم المعلومات بوضوح ليعلم كل من أولادك حسب جنسه ما سيطرأ معه في هذه المرحلة المهمة في حياته ،  ولابد للأبوين أن يهتموا بذلك فإن قصر أحدهم يكمل الآخر ، والأهم فيها أن يدخلها بعلم ووعي والدين يشرح تلك الأشياء بتفصيل جميل إن أردت التعلم أنت أيضا. "وهذا واجبك أن تفعل ولا تقل أهلي لم يعلموني " 
- إزرع فيهم أن الذكر منهم يجب ان يهيء نفسه للإعتماد على نفسه  في حياته وأن الأب ليس مطالبا بالإنفاق عليه مجرد بلوغه سن السعي  للعمل و كسب رزقه "ليس بالضرورة ستطبق ذلك ولكن إزرع فيه هذه الفكرة" وأنه يجب أن يتحمل مسئولية نفسه ويتعلم كيف سيعيش حتى يستطيع الإعتماد على نفسه مع خوف الله في نفسه وفي الآخرين ، والفتاة تزرع فيها فكرة أنها يجب أن تكون واعية فطنة مثقفة عميقة لا سطحية ، وأنه من واجب والدها أن يرعاها ويوفر لها ما تحتاج حتى تتزوج كما يأمر الله ودينه الذي إرتضى لنا ، وأنها إن تزوجت يجب أن تكون أما مربية صانعة أجيال وعليها أن تتعلم كل ما يلزمها إلى جانب دراستها في المدارس ، ولابد أن تزرع فيهم الخوف من الله وليس الخوف من الناس ، بالتالي الحلال والحرام هو المقياس وليس العيب والحشم من الناس. ( يجب أن تزرع فيهم منذ صغرهم ما خلقوا له من أدوار حددها الله لكل منهما وتعلمهم القوانين التي سيتعاملوا بها مع العالم حتى وإن لم تكن معهم) هذه الأفكار مهمة جدا أن تزرعها بجدية في كل من أولادك حتى تكبر معهم ولا يكبروا على فكرة أنك الجيب الذي يوفر لهم كل شيء وعليك أن تتجنب تربية الذكر كالأنثى والأنثى كالذكر فأنت بذلك تضرهم لا تنفعهم.
- إبدأ في تحميلهم المسؤولية مبكرا ، ضعهم في المحك بما يناسب سنهم ، ولا تستهن بقدرة الطفل على إرتداء ملابسه بنفسه وتهيئة نفسه للمدرسة بنفسه بعد تدريبه على الكيفية ومساعدته فترة ما ليعرف ما يفعل والصبر على تعلمه، وجميل أن يبدأ أولادك في فعل ذلك في الإبتدائية، كذلك ترتيب غرفهم والإعتناء بنظافتهم الشخصية، وحث الولد على أشغال منزلية مناسبة له ، والفتاة على أشغال منزلية مناسبة لها أيضا  ، و تذكر ... أن تعلم الطبخ مثلا ، ليس هو الهدف في حد ذاته ، إنما تحمل مسئولية إناء على النار وتعلم وضع المقادير هو تحمل مسئولية ، و المسؤولية هي ما تحتاج تدريب أولادك عليه دون تأجيل وتحجج بالدراسة.
- مع تقدم عمر أولادك حملهم مسئولية أنفسهم ، أعطهم مهام يقومون بها ، إبحث لإبنك عن عمل بعد وقت الدراسة إن أمكن ليتدرب ولا تقل، سيهمل الدراسة إن عمل فتكون ظالما له ، ولكن أعنه على البحث عن عمل يستطيعه أثناء الدراسة فكثير أفلح في الإثنين وإستفاد من تجربة العمل وخبرته أكثر من الدراسة ، ولا تنسى أن تحمل إبنتك أيضا المسؤولية مبكرا لتريح أمها من أعباء البيت أيضا ولا تفرغها فقط للدراسة بحجة أنها تتعبها ، فكلنا يعلم أن الوقت غالبا يمضي مع الأصدقاء والحوارات والإنترنت وغيرها وإن كنت تعتقد أن أولادك يدرسون حقا.
- من المهم جدا أن لا تترك لأبناءك وقت فراغ يكونون فيه بلا عمل ولا شيء يشغلهم فخلاصة ما يحدث في فترة المراهقة والذي عليك أن تتجنبه يكون نتيجة الفراغ وعدم وجود ما يشغل ، وهذا بكل تاكيد سيقود الشخص إلى إتباع شهواته التي بدات في العمل ، ولأننا لم نعد نعتبر أن سن الزواج هو سن البلوغ و نستهجن ذلك ولا نهيئ له أبناءنا فإننا نتركهم يفعلوا ما يفعلوه في الفترة التي سيسأل عنها الإنسان ونتحجج بأنها مراهقة وهم معذورين لنها الهرمونات... و الحقيقة هي فشل المربي في التهيئة لهذه المرحلة وهذا ما كان يفعله الناس قديما ، فيكون الشاب قادرا على فتح بيت في عمر الخامسة عشرة ، والفتاة قادرة على فتح بيت في عمر العاشرة ، الأهم أن يكون البلوغ هو العلامة ، و يقضي كل منهما وقته في الحلال وفورة الهرمونات المظلومة تنشغل في المسؤولية والحياة بطبيعتها ، ولا تتحجج أنهم يجب ان يعيشوا حياتهم... فالطفولة تنتهي بمجرد البلوغ وما البلوغ إلا بدء عمل الأعضاء التناسلية وقدرة الإنسان على إنجاب مثله.
- عند بلوغهم يكون الوقت للتربية و غرس القيم قد مضى ولم يبقى إلا حصاد نتيجة ما زرعت قبل تلك الفترة ، والآن عليك مصادقتهم و النظر لهم على أنهم أصبحوا كبارا مكلفين محاسبين قادرين على إنجاب مثلهم ، وأن لهم إحتياجات طبيعية فطرية أنت أيضا مررت بها ، فصادقهم وإحترم رأيهم و صحح أخطاءهم وعزرهم إن إحتاج الأمر ولكن تذكر أنهم محاسبين ، ولا تنسى تذكيرهم دائما بأنهم كذلك محاسبين من عند الله على كل أفعالهم. نقطة مهمة أن تتوقف عن معاملتهم كصغار... ولن تفعل إن كنت قد إتبعت إسلوبا تربويا سويا زرعت فيه ما ستحصد اليوم.

وللإجابة على سؤال أين كانت فترة المراهقة عند أجدادنا ومن سبقهم، فكانت تمضي في حياة طبيعية عملية مليئة بالمسؤوليات قليلة التسكع والفراغ كثيرة العمل والجد و الإجتهاد إلا قليلا ممن كان يعير بنومه كالمرأة في البيت حينها... تكون في حياة تمر بفتراتها الطبيعية، فما أن يبلغ الإنسان لا يصبح طفلا بل يصبح بالغا و على ذلك الإعتبار يعامل... وهو ما لانفعله اليوم ، فلدينا أطفال في سن الخاسة والعشرين... فقط لأنهم لم يتخرجوا بعد... 

فترة البلوغ المعروفة بالمراهقة فترة قمة طاقة الإنسان ، فوجهها توجيها حسنا كي لا تتوجه في الغضب والعصيان والمعاصي واللعب ومضيعة الوقت... ولا تقل أن من بلغ وإن كان عمره عشر سنوات هو طفل أو كما يسمى قاصر...، فبذلك أنت تخالف الفطرة وتجني نتائج ذلك في تصرفات أولادك فتلوم المراهقة ظلما...


شكرا... 


أكمل قراءة الموضوع...