الاثنين، 1 فبراير 2016

كيف يفشل زواج من يقيم العلاقات قبله؟

By 11:43 ص
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته 



الإنسان … كل إنسان … له قدرات محدودة … قدرات في كل مقاييس القدرات … فكرية ، جسدية … عاطفية … حتى فيما يمكن أن يتحمله من فرح أو خوف … له قدرات … 

الفارق بين الرجل و المرأة طبيعي جداً ، و واضح ولا يحتاج إلى تعمق … بداية من الجسد ، إلى العاطفة … و حتى ما يمكن أن يتقبله كل منهما من ضغوطات أو فرح و خوف ، أسلوب تعبير كل منهما يختلف عن الآخر ، فالمرأة بطبيعتها العاطفية أكثر من الرجل … و إن كانت النساء يختلفن في مدى عاطفتهن بمقاييس مختلفة … و كل حسب قدرتها ، إلا أن عاطفة المرأة معدلاتها أعلى من المعدلات عند الرجل … وهذا لا شك فيه … و الكل يعلم ذلك …

و هناك أشياء كثيرة فينا نحن البشر إذا ما استهلكت … يكون من الصعب أن تعوض … و قد تلاحظ هذا في نفسك مع بعض التجارب … فإذا فقدت الثقة في شيء ما أو في شخص ما … ستجد صعوبة كبيرة جدا في إعادتها … و إن عادت … لن تعود ثقة بكر كما كانت ثقتك الاولى … و كذلك الإحساس بالأمان يأخذ منا وقتا طويلا حتى نعتاده و كلما ممرنا بتجربة … تجدنا نأخذ إحتياطات أكثر للشعور بالأمان … و هناك أشياء كثيرة جدا بهذا المقياس في حياتنا نحن البشر … ومن هذه الأشياء … المشاعر … الأحاسيس … في كثير من الحالات ، رغم إختلاف طبيعة الرجل و المرأة في هذه الجوانب ، و بالتأكيد حساسية النساء فيها أعلى بكثير … فإن إستهلاك المشاعر و الأحاسيس يجعلها تنضب و تجف و تقل … حتى أنها قد تتلاشى … و تلاشيها قد يكون بفقدان طعمها و إن وجد أثرها … و هذا كثير منه ينطبق على النساء بشكل أكبر من الرجال لوجود الإختلاف في طبيعة تركيب الرجل و فطرته و إن كان تأثير ذلك يظهر أحيانا ولكن بشكل أقل من النساء بذات الفارق في المعاطفة بينمها … و مثالا على ذلك …  :

لنعطي المشاعر و الأحاسيس مقياسا من مائة … ولنعرف أن لكل منا طرفين في مشاعره ، مشاعر تخص حياته مع أهله و أخوته و أصدقاءه و طعامه و ما يحب و يكره و تتجدد مع الروابط الإجتماعية بشكل تلقائي و للأم نصيبها و الأب نصيبه حسب ما تكون العلاقة بينهم منذ ولادتها… و مشاعر تخص الطرف الآخر من الجنس المقابل …  و لنقل أن فتاة صاحبة المثال … مشاعرها صافية نقية مائة بالمائة … لم تشوه بشيء … و هي صفحة نظيفة … 

هذه الصفحة تبقى نظيفة صافية نقية … حتى تتحرك تجاه شخص ما … و لنقل في هذا المثال … أن أحدهم أعجب بها و بشكلها وهي خارجة من المدرسة … و أصبح يرقبها دائما حتى إنتبهت صديقاتها فتنبهت هي … و باتت تراه كل يوم يقف يرقبها … هي فقط من دون الجميع … فيثار لديها التساؤل … و يزيده غبطة الفتيات لها أن هناك من يهتم لها … و يترك كل شيء لينتظرها … فتبدأ في التفكير فيه و إن غاب فإنها ستفتقده … و مع الإستمرار … وبعدم غض البصر و حفظ النفس ... و إهمال أفعاله أيا كانت و عدم الإستماع للصديقات ... تبدأ صفحة مشاعرها في كتابة أحاسيس تتحرك تجاه هذا الشخص المجهول … إلا من منظره عن بعد … و وقفته محدقا بها متابعا لها … وبهذا تبدأ نسبة المشاعر في الإستهلاك … لتنقص من نسبة مائة في المائة … و يستمر الحال طوال سنوات الدراسة و يكون التواصل بإرسال رقمه عن طريق أحد أصدقائه الذي على علاقة بأحد صديقاتها الحنونات التي تحرص على مصلحتها فتخدمها خدمة العمر بجلب رقم هاتفه فهو شخص محترم لا يتحرش بالفتيات ولا يصر بإلقاء رقمه عليهن … ولكنه سلك طريقا أفضل … على إعتبار … وهذا ما يعتقده من أعطى الفرصة لتعلق قلبه بالتركيز أن أي فعل يوصله إلى مراده هو فعل مباح … 

خلال السنوات التي قضتها هذه الفتاة في المدرسة حتى خرجت منها إلى الجامعة و حصلت على حرية التحرك و التنقل و عدم وجود حواجز الزي المدرسي و الحضور و الإنصراف … زاد الإقتراب من هذا الشاب و نضجت الفتاة … و نضج حبهم … و زاد إستهلاك مشاعرها … حتى أتى اليوم الذي قال لها فيه أنا أظلمك معي … فلست قادرا على الزواج وليس لدي ما أملك حتى أخطبك و تكوني زوجتي … (بإعتبار أنه صادق النية ولكن مسكين المجتمع لا يرحم و المال غير متوفر) ويقول لها سأتركك لحال سبيلك لتري حياتك ولا أظلمك معي أكثر … وتنتهي العلاقة بسلام … و تقدير كاملين … و قد أنفقت الفتاة من مشاعرها و أحاسيسها على الأقل ثلاثين في المائة طوال هذه السنوات … مع وجود بعض التعويضات للنسبة من المناسبات السعيدة … و أكثر ما يجعل النسبة تزيد هو الأمل … و إن كان كاذبا … ولكن صفحة مشاعر هذه الفتاة لن يمحى منها ما حدث في كل هذه السنوات من إدخال هذا الشخص لحياتها و سماع ما سمعت من كلمات و غزل و أهاجيز الحب … كلها ستبقى محفورة في صفحة المشاعر … ولن تنسى … و سيكون هذا الشاب هو المثال الذي به يقارن غيره من الشباب … فهو من حرك عذرية مشاعرها بإدخاله حياتها …
مرت الأيام صعبة … ثقيلة … مملة … فيها فراغ كبير … كبير جدا … شيء يعصر القلب … يثقل الصدر … يشتت الفكر … 
أتدري ما سبب هذا الفراغ … 

إنه عامل … البالونة … عندما تكون جديدة تجدها صغيرة قوية متماسكة مرنة … و بمجرد أن تنخفها و تملأها بالهواء … يتضخم حجمها … و يزداد و تصبح رائعة جدا للعلب و اللهو … و لكن … بمجرد أن تفرغها من الهواء … هل ستعود كما كانت قوية متماسكة؟ أم أنها ستصبح مرتخية مترهلة متسعة …؟ 

إن لاحظت فإن الفراغ فيها أصبح أكبر من ذي قبل … و بالكاد تتماسك مع نفسها و تعرجاتها كثيرة … 

هذا تماما ما يحدث لمن يدخل علاقة عاطفية  ... يسجل بها شيئا في إحساسه ثم يخرج منها … يكون إحساسه هو البالونة … و علاقته هي الهواء الذي نفخها … 

بعد إجتياز المرحلة … و العودة الى التماسك و التعود على حجم الفراغ الجديد … ومحاولة ملئه بأشياء أخرى … و في ليلة و هي تجلس على جهاز الحاسب المحمول تحاول لملمة أفكار ما بين يديها من أوراق دراسية … يأتيها صوت تنبيه رسالة … مع فقاعة حمراء فيها رقم أبيض … واحد … 

أهملتها في بادئ الأمر … ثم أثارها الفضول لتجد رسالة من شخص لا تعرفه … أثارت فضولها ولكنها قالت في نفسها لن أرد عليه … و إذا برسالة أخرى بعد نصف ساعة … حتى قررت أن ترد و تتسلى و ترى ما وراء هذا الشخص من أمر …

فكان الإنسجام في ذاك الحديث الذي جر بعضه جرا … و هي أكثر خبرة في أمر الشباب بعد تجربتها الأولى … و لكي لا نطيل … إعتادت وجود هذا الشخص في صندوق رسائلها … حتى أصبحت تنتظر رسائله و ترغب في المزيد من الحديث معه و شيئا فشيئا شغل حيزا من فراغها و بدأ الهواء يدب إلى تلك البالونة من جديد فأحست بالروح تخف وتتطاير مجددا …

ولكي لا نطيل أيضا … تعمقت العلاقة و أصبحت إهتمام و الإهتمام أصبح تعلق و التعلق أصبح … لا أستطيع العيش بدونه … و إستمرت الإيام … (لاحظ أنها لا تعرف عنه شيئا في الواقع و كله فقط ما يقول وهي تقول إحساسي لا يخيب و أحس أنه صادق معي و يخبرني عن كل شيء أكثر من إخباره أي إنسان آخر ) و بعد مضي سنتين من العلاقة التي نفخت البالون أكثر … أنفقت صاحبتنا من مشاعرها ما نسبته خمسة و عشرين في المائة من مشاعرها … فقد كانت حذرة هذه المرة أكثر من سابقتها … فلديها خبرة أكثر الآن … وبنفسها أنهت العلاقة لإنها إكتشفت أنه يدخن الحشيش و يشرب الخمر ولكن لم تكن تلك هي أسباب إنفصالها لإنها كانت ترى أنه بإمكانها إنقاذه من هذا الذي أغرق نفسه فيه … فقد كان السبب القاسم هو رؤية إثبات أنه على علاقة بغيرها… و كتبت مجددا على صفحة مشاعرها من جديد … فأصبحت الصفحة مستهلكة فيما نسبته … خمسة و خمسين في المائة … صفحة كتب عليها بقلم الرصاص … و مسح كل ما كتب … وبقي أثر ما كتب … 

وعادت البالونة لحالها بعد خروج الهواء منها … و عادت الليالي الطويلة و القلب الحزين … و الصدر ثقيل و العين كحلها يسيل و حلقة سوداء تحفها من كل جانب و الأكل قل و الشهية هربت … و بدا كل الرجال خائنين … 

في تلك الأثناء … أتى خطاب مقبلين على ذات الحسن و الجمال و العقل الرصين … فوافق الأهل و أعطي الرقم ليتعارف المخطوبين … (كثيرون يتهاونون في هذا كثيرا لدرجة الضياع ) وفي تلك المكالمات التي إستمرت على الأقل سنة … لإنها يجب أن تكمل دراستها و تحصل على شهادتها … و بعد إنتهاء الدراسة … تأخر الزواج بسبب إنتظار إكتمال بناء البيت … و فجأة … فسخت أمها الخطبة … بسبب سوء معاملة أمه لها و ظهور أسباب أخرى زادت من تأييد سبب الإنفصال … رغم أن الشاب لا شيء يعيبه ، و هما متفقان متوافقان في كل شيء … ولكنها حرب العادات و التقاليد و ما يجب تسميتها التفاهات … 
على كل لا نريد التدخل في تفاصيل حياة الناس … و لنعد إلى صاحبة المثال … 

مع إنتهاء هذه العلاقة الجديدة … التي كانت خطبة و من الخطبة أصبح التواصل مباحا متاحا … زاد في إعادة نفخ البالونة أيضا … وصل إستهلاكها من مشاعرها إلى ما يقرب عن سبعين في المائة … و الصفحة لم تعد بيضاء صافية … لم تعد نقية كما كانت … وإن كانت الآن تبدو فارغة … و لكنها تماما … كقميص ناصع البياض غسل عشرات المرات حتى أصبح أشهبا … 

الآن … حسب رأيك … كم بقي في صفحة مشاعر هذه الفتاة لتعطيه للرجل الذي ستتزوجه ؟ 
كم بقي في عطاء مشاعرها مما تستطيع أن تهديه زوجها لتشعر معه بالسعادة كما شعرت بها أول مرة خفق قلبها مع ذاك الذي كان أمام المدرسة ينتظرها و أولته إهتمامها و أعطته من نفسها ؟ 

كم أصبح حجم الفراغ في نفسها الذي على الزوج أن يملأه ؟… و إن تزوجت من هو أقل حظا من الآخرين في الكلام أو الجمال أو أي شيء … عندها … ستكون المقارنة بينه و بينهم قائمة في عقلها … و لن يبقيها زوجة إلا … معرفتها يقينا أن بقاءها أفضل من عدمه … فقد يكون هناك أطفال … و الأطفال يولدون للزوجين و إن لم يتوفر بينهما الإنسجام أو الحب أو التوافق أو الشهادات … 

ناهيك عن القناعة التي بداخلها مسجلة … أن زواجها دون تعارف مسبق سيوقعها بين يدي رجل لا تريده ولا تعرفه ولن يكون كما تريد … ولكن … الوقت يفرض نفسه … عليها و على إحساسها و على مشاعرها و كذا دافع الأمومة لديها … و كثير منا لا يحب ذكر الشهوة هنا … مع أنه من الدوافع الحقيقية أيضا للزواج … و هو دافع مهم …
و حتى إن تزوجت من يفوق كل اولائك الذي سجلتهم في صفحة مشاعرها جمالا و خلقا و قدرة على الغزل … فإن نسبة إستمتاعها و راحتها معه … لن تكون كما لو كانت صفحتها نظيفة صافية … و ربما سيحتاج ذلك إلى زمن أطول … لكي تتأقلم و تعود وتمحوا ما فات … 

ولعل الجميع يعرفون كيف هو الحب العذري الأول ... 

و بعد حدوث هذا كله … نقول أن الزواج فاشل عندنا … و أن الرجال لا يفهمون في الحب و أن النساء لا يفقهن في الغرام شيئا … و يلوم بعضنا بعضنا … كأننا أعداء ولسنا مخلوقين لبعضنا البعض … وكأن الملائكة عندما سألت الله عز و جل عن خلق بشر … أن الافساد فيها و سفك الدماء سيكون بين الرجل و المرأة … في حين أنها خلقت له … ليسكن إليها … وليس ليتحرش بها أو تميع معه … أو ليشوه بعضهم مشاعر بعض … و يستهلكوا بعضهم في الحرام ... 

ففشل الزواج عندنا سببه نحن … و من أسبابه … هذا التشويه المتعمد لمشاعرنا … دون وجود زواج … 

وهذا المثال ينطبق على الرجل و المرأة … مع الفارق في طبيعة مشاعر كل منهما … و طبيعة تقبل وجود أكثر من شريك لدى الرجل و حساسية مشاعر المرأة بطبيعتها … 

ولاحظ أن هذا يختلف كليا … عندما يكون بزواج و طلاق و من ثم زواج آخر … سبحان الله … الحلال لا يمكن أن يترك الأثر السيئ الذي يتركه الحرام … 

فلماذا نشوه أنفسنا بأيدينا … و نفسد مستقبلنا بأنفسنا … و نعيش الأمل تلو الأمل فقط … ليقال أننا (خدمنا على روسنا ) و عشنا حياتنا … و تزوجنا … مع أن الكل يعرف جيدا … كم تزهق من مشاعر في خضم فوضى الإحساس التي نعيش … و كم من أبناءنا يعيش حياة خالية من كل إنجاز … و من كل عمل و تطوير … اللهم … إنجاز أنه اليوم تعرف على من أعجبته … أو أنها حظيت بمكالمة ساعدتها على النوم مبتسمة … و يعلم الله كيف سيكون الغد  … 
ناهيك عن إنجاز كم عشيقة لديك … و كم شابا على الأرض أسقطي بمفاتنك التي لهم بها تعرضتي  … 

و تذكر جيدا … أن فشل الزواج لا يكون بالطلاق … فقد يستمر الأزواج مرتبيطن بعقد صحيح … و يعيشون معا ولا يظهر منهم أمام الناس إلا أفضل صورة … و لكن كل منهم يعيش حياة منفصلة في ذات البيت … فلا تربط نجاح العلاقة بالزواج ولا الزواج بإستمراره … 

الحل … أن تكف نفسك عن كل ما يمكن أن يشوه مشاعرك منذ الآن … أيا كان عمرك … حافظ على مشاعرك لزوجك … حافظ على نقاء إحساسك لتفيض به في زواجك … حافظ على طهر عفتك لتكون مستمتعا بزواج ساكنا لمن اخترت بإرادتك و رضيت به … و لتكوني سكنا لمن إخترتي … ولن يرتاح أحدنا في سكن … ما لم يهيئه تهيئة صحيحة … و أنظر إلى صفحتك وما تريد أن تكتب فيها ... فأنت وحدك من سيعيش قصصها وما خط وسطر فيها.



شكراً