الثلاثاء، 5 يناير 2016

كيف تتخلص من الحساسية المفرطة … ؟

By 11:32 ص
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته 





إن كنت تعتقد أنك شديد الحساسية و سريع البكاء ... و أن أي شيء أو تصرف يمكن أن يدفعك للبكاء ... فأنت بحاجة ماسة ... لمصارحة نفسك ... و الخروج من هذه الفكرة ... التي ساهمت في وضع نفسك فيها ...
إبدأ بإخراج نفسك من إعتقادك بأنك مركز الكون… إبدأ بإخراج نفسك من مربع أنك يجب أن تكون محط إهتمام الجميع …

و أنه على الجميع أن يراعوا مشاعرك و يكونوا كما تريدهم أنت أن لا كيفما هم بطبيعتهم … 
إبحث عن إستقلال شخصيتك من كل تلك القيود التي تعتقد أنها أفضل بالنسبة لك ، و أنها أهم ما تملك .
إبدأ في التعامل مع الحياة على أنك جزء منها و لست كلها وأن هناك من لا يدري حتى بأنك موجود ، و أن هناك غيرك من يحتاج إلى الإهتمام بقدر ما تحتاجه أنت ، و ربما أكثر …

و أنك يجب أن تبدأ بالإهتمام بنفسك قبل أن يهتم بك الآخر ، و الإهتمام بالنفس لا يمكن أن يكون بأن تعيش دور الضحية أبداً …

بل يبدأ من إهتمامك بنفسك و معرفة قدرك و معرفة أين أنت و أين تقف في هذه الحياة و أين هي وجهتك ...

إعتمادك على نفسك و إهتمامك بها ، و يقينك بأنك لن تبقى في هذه الدنيا أبداً … و قدرتك على أن تتعايش و تعيش في هذه الدنيا و أنت وحيد ، ولا أحد يمدك بشيء … و ترتبط بالله أكثر … وأنت تعلم أنك ستكون وحيدا و تحاسب وحيدا كما ولدت وحيدا … و ستدفن كذلك و حيدا … فإبحث عن ما يمكنك أخذه إلى هناك معك … 

أنت بحاجة ماسة للإعتماد على النفس في كل شيء ، كل شيء ، و لا يعني ذلك أنك ستستغني عن الناس … و أن تفكر في أن يحتاجك الجميع لأن الله سخرك لهم لتخدمهم …كما سيسخر لك غيرك ليخدمك … و أنه إستعملك لأجل ذلك ، فأشكر النعمة … ولا تفكر فقط في إستغلالهم لك و إستعمالهم لك … فهناك جانب إيجابي لكل شيء يحدث معك … ممهما كانت نظرتك له سوداوية … 

توقف عن الإحساس بأن الجميع يجب أن يراعي مشاعرك ، و توقف عن وضع نفسك موضع الضحية للحصول على ذاك الإهتمام الذي تطلبه نفسك و تحتاجه … و إبدأ أنت بإعطاء الإهتمام و لا تنتظر شيئاً من أحد … لا تنتظر مقابل ولا تنتظر ثمن لما تقدم … و ليكن تقديمك له … لأنك مسخر من الله لأن تخدم الآخرين ولو بكلمة … لأنك تستطيع و هذه الإستطاعة ليست تفضلا منك بل هو فضل من الله حباك به …

و إن فعلت … فستجد الثقة في نفسك و ستجد القدرة على التخلص من الحساسية المفرطة التي تعتقد أنها لديك … و ستكون أنت من يملك نفسه بقوة و إن كنت ستحتاج من تسكن إليه أو تضعف معه و لكنك مهما حدث ، ستكون مستقلا قادرا على الإستمرار كيفما واتتك الظروف … 

و إلى اولائك الذين يسخطون بقول … “أنت تهين كرامتي” … يا أخي إفهم أن كرامة الإنسان شيء غالي ، و الشيء الغالي لا يصلح أن يكون سهل الوصول إليه و مكانه بين الأقدام ، فيداس بكل مار و جالس و يكون عرضة بأن يهان بكل شيء ، بأبسط الأشياء … فالكرامة الحقيقة ، ليس من السهل أن تهينها و ليس من السهل أن تصلها ، لأن صاحبها أعقل من أن يتركها عرضة لكل عارض ومار و كلمة تقال  ، بل رفعها لمكانة تليق به  … و بالتالي ، لا تهان تلك الكرامة بالإلتفات عنه ، أو بنظرة ازدراء من شخص عابر أو بإنطلاق سيارة مسرعة من أمامه … أو عدم رد أحدهم عليه … أو حتى سبه و شتمه و سب و شتم أهله و قبيلته و سلاسته كلها … لا يتأثر بذلك إلا من كانت عصبيته عند أنفه ولا يملك كرامة حقيقية كما يدعي … 

تلك الكرامة تحتاج إلى حديث حقيقي ليصل أحدهم إليها … و ليس أي شيء عابر …
أنت لم تعد حساساً بعد الآن … أنت تتحسس … و تفتعل الحساسية ، تماما كما تفعل بعض المخلوقات في أسلوب دفاعها … تتظاهر بالموت … أو تتظاهر بأنها تبكي … أو تغير لونها كي لا يراها أحد … كما يتظاهر الكثيرون بأنهم ضعاف و يتأثرون بسرعة طلبا للتعاطف و الشفقة و هروبا من المواجهة الحقيقية مع الآخرين … 

فقم و أصنع لنفسك شخصية أقوى بأن تكون على طبيعتك بدلا من إستعمال أساليب تجعلك أكثر عرضة للكسر من أن تجلب لك إهتماماً تريده و تحتاجه … و إن فعلت … فستحصل على الإهتمام الحقيقي ، الثمين ، الذي تستحقه لإنك قوي و ليس الذي تستحقه لإنك تتحسس و تظهر الضعف و المسكنة … 
و كذا ينطبق هذا على من يملك حساسية طبيعية في داخله بسبب ما به من تربية ، يمكنك التغلب عليها بتدريب نفسك و تقوية شخصيتك أكثر حتى تعكس ما إلتصق بك جراء تربية ما … لا تفشل و تجد لنفسك أعذار الفشل … لإنك تستطيع فقط … إن أردت … فهل حقا تريد؟

وإليك كم خفيفة هي الريشة … ولكنها ترفع الطائر إلى السماء عاليا به تحلق … 


شكراً…