الخميس، 24 ديسمبر 2015

كيف تكون رومانسيا ...

By 11:30 ص
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته


في أحد الأيام …بعد سنوات من الزواج وبعد تكرر بطء الروتين و الفراغ القاتل و قلة الإهتمامات و عدم وجود تواصل مع أقارب و صديقات ،  قررت الزوجة أن تفاجئ زوجها بإعداد غرفتهم بشكل مختلف … أرادت أن تفاجئه و تخلق جوا من الحميمية و الراحة له و لها ، لتجديد علاقتهم بمفاجأة عدتها هي سارة  … فأعدت الغرفة بغلاف سرير جديد … إختارت الألوان بدقة … مالت كلها للأحمر مع الأبيض ، و غطاء ناعم فضفاض مزخرف … وسائد ناعمة مطرزة برقة و دقة … وضعت شمعتين على جانب السرير … كل منها تصدر عطرا فواحا كلما إحترقت يشعرك بدخول حقل ورود إستوائية منعشة … أحضرت بعض الزهر و نثرته على الفراش على شكل قلب … و رشته بعطرها المفضل … أخفت كل ما يشوه المنظر و يلفت النظر عن جمال المنظر ، نسقت الألوان لتكون متناسقة متكاملة كلوحة فنان محترف … لم ينقصها إلا مصور موهوب حتى يجمد اللحظة لتكون غلافا لإحدى المجلات ، أو صورة مثبتة في إحدى الصفحات … و تصبح حلم تسعى لتحقيقه كل الفتيات … 
عندما عاد الزوج منهكا من العمل … و قد أخره أحد عملائه بسبب شحنة كان عليه أن يوصلها ، متعب منهك دخل إلى البيت … لا يفكر إلا في النوم ليسترد طاقته لعمل يوم الغد … لم يكن أحد في إستقباله عند الباب و لم تك تلك العادة … خلع حذاءه و بدت قدمه بيضاء لشدة التعب و بقاءها في الحذاء منذ الصباح … لم يخلعها إلا لعبض الوقت عند الصلاة … دخل دورة المياه … غسل وجهه و هيأ نفسه … و دخل غرفة النوم ليجدها مختلفة عن كل يوم ، لم يرها بهذا الشكل أبدا من قبل … أراد أن يستلقي على السرير ولكنه مليء بأرواق الشجر و الورد ، ما هذا كيف سأنام هنا … ما هذه الفوضى … خرج إلى الصالة حيث يوجد متسع له … إستلقى على أحد المراتب هناك و غط في نوم عميق … لم يدري حتى كيف بدأه أو حتى كيف وصل إلى أن يضع جسده هناك … 

هذا المشهد مقتبس من منشور إنتشر في صفحات المواقع الإجتماعية في فترة ما و ربما سيعود يوما من بين أنقاض المنشورات الراكدة ، حيث أن كل التعليقات إعتبرت الرجل متخلفا لا يفقه في الرقة ولا الجمال ولا الرومانسية و أنها زوجة مسكينة و أنها لا يجب أن تكون مع رجل كهذا ، و بطبيعة الحال كل بلد نشر فيه هذا المنشور إتهم رجاله بأنهم هذا حالهم و أنهم لا يفهمون شيئا عن الرومانسية و الحركات …

و لكن هل حقا هذا هو الحال  ؟  هل يمكن أن ننظر للموقف من زاوية أخرى مختلفة ؟ 

لا أدري إن كان هناك زوايا مختلفة فالموقف واضح المرأة المسكينة بذلت جهدها ولكن هيهات فمن لا يفقه في الحب لن يفققه ولن يتعلمه أبدا … 

نعم من لا يفهم لن يفهم أبدا إلا إذا أعطى لنفسه الفرصة ليفكر فيما يناسبه و ما لا يناسبه … 

ماذا تقصد لم أفهم من جملتك الأخيرة تلك شيئا … و رجاء لا تتفلسف علي … فلست في حال يسمح بذلك … 

لا لم و لن أتفلسف ولكن … 

تلك المرأة التي بالتأكيد هي زوجة له منذ زمن … و قد قضيا معا وقتا لا بأس به حتى و إن كان فقط ستة أشهر أو سنة أو سنتين … بذلت جهدا لا يوصف في تنسيق الغرفة و توفير إحتياجاتها لتكتمل الصورة و ليتعطر المكان بما يغري الشخص أن يسترخي و يتنشق الجمال و الراحة و الهناء مع زوجته و يعيشا لحظات يذكرها الجميع … 

ولكن ما الذي حدث؟ دخل الرجل لم يرى إلا بعض أوراق الشجر على الفراش مما دعاه أن يترك الغرفة و يذهب إلى الصالة ليجد مكانا ليلقي عليه جسده و يرتاح … ويغط في نوم عميق … 

نعم أرأيت … فعلها بكل برود … لا يملك أي إحساس … 


هل تحب أكل الخنافس و الحشرات؟  

ما علاقة الخنافس و من هذا الأحمق الذي يحب أكل الخنافس ؟
هناك شعوب تحبها و تبيعها بثمن غالي ، و أيضا تأكل الفئران و تأكل القطط و الكلاب ، و هناك من يحب أكل الافاعي و الثعابين … 

بل أن هناك من يفتح مطاعم باهظة الأثمان يبيع فيها و جبات مبنية على الضفادع و الزواحف الأخرى …

حسنا حسنا كفاية ما علاقة هذا بالزوجة المسكينة؟

العلاقة أن هناك إختلاف لدى البشر فيما يحبون و فيما يكرهون ، إختلاف فيما يغريهم ويثيرهم و فيما يشمئزون منه و فيما لا يلفت إنتباههم أبدا … 

قد تكون فكرة تزيين الغرفة بالألوان و فرش الورد على الفراش مقتبسة من أحد اللقطات المصورة في أحد المجلات ، أو من أحد المسلسلات التي يرسم فيها كل شيء بدقة … كل فعل و ردود الأفعال عن ذاك الفعل كلها مدروسة بحيث تعطي الصورة الملطلوبة من ذاك المشهد … فيأتي الرد (من أيا كان في ذاك المشهد) مناسبا جدا فيعطي الشعور بالأنس الاتناهي ، و هذا ما ينساه أغلبنا … أن كل ذلك مبرمج و أخبر كل ممثل عن دوره و كيف يجب أن يرد … 

الغالبية ينسى … 
أن ما نجح مع غيرك … و أبهر غيرك … ليس بالضرورة يبهرك … ما نجح مع أزواج آخرين … ليس بالضرورة ينجح مع غيرهم … 
لم تخطئ المرأة فيما فعلت أنها حقا تريد التجديد في علاقتهم و الإهتمام بحياتهم و تنشيط المودة بينهم … بالعكس تماما … إهتمامها هذا رائع جدا و يجب أن يهتم الجميع بهذه النقاط و إن كان من حين لأخر حسب نمط و أسلوب حياتهم … ولكن هل كان الأختيار مناسبا فيما فعلت؟

هل راعيت أن ما ستفعله يناسب زوجك؟ (مجددا الزوج هنا لهما معا)  فأيا كان من يفعل و يسعى للمفاجأة … فعليه أن يكون فاهما حقا للطرف الآخر … عليه أن يعرف ما يحب وما لا يحب ما يكره وما لا يكره ، ما يثيره وما لا يعنيه … حتى يختار له شيئا … يجعله يتفاعل معه بشكل أفضل … 
و الفهم هنا سيتأتي بالمعاشرة و ليس فهم المكالمات و الإجابات التي يحصل عليها كل من أسئلته بغية البحث عن معرفة أفضل للأخر … 

فليس هناك أي معنى أن تهديني حذاء راقي جميل غالي الثمن مصنوع من الجلد النادر و مغلف تغليفا إبداعيا تسلطنت فيه و أبدعت ليكون رقم الحذاء لا يناسبني …في حين كنت تستطيع أن تعرف رقم حذائي حتى بدون علمي … 

فإن أردت أن تكون رومانسيا حقا … فحاول معرفة شريكك و ما يحب و يكره و ما يناسبه و يناسب وضع حياتكم … فقد تكون الرومانسية في أكلة متقنة معها حديث بلا تنغيص أو طلبات أو ذكر لنواقص … قد تكون الرومانسية فقط في بعض كلمات محبة تسمعها من شريكك … قد تكون إنتظار لك لتشاهدا فلما معا … قد يكون إنتظار زوجتك لك على الغذاء و إن كانت جائعة … قد يكون إهتمامك بأن لا تتعب زوجتك عندما تفعل أي شيء في البيت أو خارجه … وربما تكون فقط في أن لا يكون بينكما خلافات و إن لم تتفقا في كل شيء بينكما … قد تكون في تذكر أحدكما أنه لا يفضل ذاك النوع من الشكلاتة … 

لتكن رومانسيا … عليك فهم الآخر … فليست رومانسية عوض تناسب رومانسية جون … و ربما ما ينس فخري لا يناسب رمزي … كما أن سهير لا تحب ما تحبه تهاني … و خيرية أيضا لا تفضل ما تراه في المسلسلات ولكنها تحب الفساتين الملونة التي لا تفضلها رجاء …

لنتوقف عن إعطاء التلفزيون الحق في أن يفسد حياتنا ... و نفيق و نتعامل بما يناسبنا ... و كل منا له ما يناسبه حسب حالته ... فلسنا قالبا واحدا صنع منه واحد و تكرر البقية ... 


و إن أردت أن تعرف معنى ذلك كله … فهو ما بينك و بين زوجك من مودة … 


شكراً