الأحد، 17 سبتمبر 2017

كيف ترتقي الشعوب بالفن؟

By 1:31 م
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته 


يرى البعض منا نحن من يعيش ليومه بيومه بحثا عن رزق يومه أملا في الوصول لغده مطمئنا على ما سيضع في بطنه ، أن عدم إهتمامنا بالفنون بأنواعها هو سبب من أسباب تخلفنا الحضاري بما يقاس اليوم من حضارة متخمة بالمادة حد الثوران حمما من الجهل المعلب ...
وأننا كشعوب همها في بطنها وما يشبع شهوتها طعاما وجنسا ومالا لا نهتم لأي نوع من الفنون ورقي الإحساس ورهافته فيما ينتج عنه من إبداع بشري ...

يسير الناس في الشوارع في بلاد باردة شقراء متحضرة متطورة يمرون بمن يعزف آلة موسيقية فيستمتعون بألحان شجية وهم في طريقهم للإستمرار في إدارة عجلة الحياة التي ستتوقف لكل منهم في اأي لحظة عندما يتوقف عن العمل الذي يدر عليه المرتب الذي سيدفعه حالا لكل ما تألقه من فواتير الكهرباء والغاز والماء والسيارة ومشاهدة التلفاز والهاتف وتقصيطات كل ما إشتهاه فإشتراه ليأخذ استراحة تنسيه ما به من عناء وما هو فيه من دوامة لا تنتهي بيوم أو يومين عطلة كل أسبوع ... 
وما أن ينتهي العزف حتى يعود إلى واقعه لينطلق الجميع بتصفيق حار يبادره على إثره أكرمهم بإلقاء بعض العملات المعدنية المنقرضة الاستعمال في بلادنا الغنية ... فاقدة العملة الورقية ... 
وما أن يلتقط أحدهم مقطعا لهذا الحدث العابر في يومه المتكرر في بيئته ... حتى يشاهده ذاك المهظوم من نفسه الغارق في حلمه أن هذا العالم ما تطور إلا لأنه قدّر الفن وصفق له ودعمه وإن فكرت أنت في فعل هذا الأن في أحد شوارع طرابلس ستوصف بالتخلف والفراغ وأن ليس لك ما تفعله فلجأت للعزف والفن ... يا لنا من متخلفين متحجري المشاعر ... هذا ما ستسمعه فنحن متحجري المشاعر لأننا لا نقدر الفن...

وما أن تقلب العملة التي تفضل دائما النظر لأحد أوجهها حتى ترى ... الصورة الكاملة لهذا المقطع ... أن ما كان سببا في تحضر أو تطور هؤلاء ... ليس تقديرهم للفن ... فلن تعجبك الكريمة التي توضع على الكيك مالم يكن تحته كيك ... فهل ستستطعم الكريم لوحده ويعجبك وأنت تتخيل فقط أنك تأكل الكيك؟؟ 

لتعرف أن من صفقوا واهتموا بالفن ... تفرغوا له بعد أن أنهوا المهم في حياتهم ... بعد أن وضعوا الأساسات والدعامات لثقافة صنعوها لأنفسهم ولغيرهم ومن أجل المال سوقوها... المال الذي سيستعمل مجددا للمزيد من البناء لأساسات تؤهل الإنسان ليكون كالبطارية ليستمر النظام في العمل ، وما أن تنتهي البطارية حتى توضع جانبا حتى يموت... ولكنه لن ينتهي حتى يعطي كل ما لديه ليأخذ ما يريده هو، و هذا ما صنعوه لأنفسهم كنظام بات أغلبنا يفتقد أساسياته... و نريدها دون عمل... نريد قمة السلم دون البدء من قاعدته...

وحضراتنا من شدة الجهل إنكببنا على الكريم ونسينا الكيك وقذفنا بالجهل كل من قال ويحكم ماذا تفعلون ... ما الذي تزينون وأنتم كيكا لا تملكون ... 
فهل يعقل أن يهتم بالفن من كان في بطنه جائعا أم أننا نسينا أن التاريخ أرانا جميعا في كل الحضارات... أن الفن ماهو إلا نتيجة رخاء إقتصادي عاشه المجتمع الذي إجتمعت كلمته على أسس مشتركة فأسس لنفسه نظاما عاش به تسبب في رخاء و شبع حد التخمة ما دفع البعض منهم للإهتمام بالفنون بأنواعها ... وليس فقط العيش في أرض واحدة إشترك الجميع في إستخدام طرقاتها 
يقول أنه جائع ... كسرة خبز و إمرأة ... وأنت تقول له تعال نرتقي بالفن ...
إرتق يا حبيبي وإترك لي الخبز و ساوافيك عندما أشبع...
فلا تطالب الجائع العاري الحافي بأن يغني لك وانت تسمع لحن خواء بطنه... ولكن إن أصابته التخمة ... سيستلقي على ظهره و يفرد ذراعيه و ساقيه و يلحن لك ما تحب ولا تحب... 

لن تسير الحياة في مسار معاكس إلا وأهلكت أصحابها بعدم الحصول على ما تمنوا وفقدان ما كانوا يملكون ... 

للحياة سَنَن إن لم تتبعها لن تصل إلى حيث إعتقدت إن من صفقوا لذاك العازف على آلته وصلوا ما لم تعمل لما من اجله عملوا فإرتخى لهم الحال فبالفن إهتموا وهم شبعى من كل شيء ، وفيه بانواعه أبدعوا... حتى زادهم تفرغهم و ترفهم طغيانا لخرق قوانين الطبيعة وإفساد الخلق وحتى تزويج الرجال من الرجال ، ناهيك عن الكثير من الفحش و الفساد الذي يسمونه لشدة ترفهم فن...

كيف ترتقي الشعوب بالفن؟ 
ترتقي بالعمل و الجد و الإجتهاد ، أن تعمل و تشبع و تنتهي من الأساسيات في حياتها ، لتتفرغ للسلطنة و الطرب والإبداع البشري ... الذي تقوده الرغبة في المال أيضا ... حتى يكون هناك منافسة أكثر لجني مال أكثر و تستمر الدائرة ... 

ولعلك تقرأ عن الأندلس وما وصلت إليه في مجال الفنون و تسأل من عاش في ذاك الوقت ... كيف وصلوا إلى ذلك وأبدعوا في الفنون!... 

فالفن نتيجة لترف الشعوب وليس وسيلة للرقي ... 

شكراً