الأربعاء، 18 مايو 2016

كيف يجب أن تكون علاقتي مع أبنائي؟

By 2:50 م
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته 





كيف هو الحوار و المصارحة بينك و بين أبناءك؟ ( وأبويك؟) 

هناك مساحة وسط ،  دائما في كل شيء ، و هناك أيضا الأقصى في كل الإتجاهات ... و لكن...
كيف يجب أن تكون علاقتي مع أطفالي فيما يخص الحوار ؟

العادة جرت ... أن الطفل إذا فعل شيئا ، يكتمه ... و يخاف أن يصرح به

لماذا؟
لأنه خاض تجربة الصراحة مرة و لقي ما لا يسره من غضب و صراخ و عقاب ... ولأنه يخشى تكرار ردة الفعل العنيفة التي تصدر عن الأبوين أو احدهما ...
فإنه يختار إخفاء ما حدث معه تفاديا لأي ردة فعل قد تكون أعنف وأقوى من الفعل الذي اتى به ... والذي يمكن إستعماله ليستفيد هو من التجربة بشرح أبعاد و حيثيات فعله ليكون درسا عمليا يستفاد .. 

و ذلك بالطبيعة يخلق حواجز كثيرا ما يسأل الأهل أنفهسم بعدها  ... لماذا إبني أو إبنتي لا يتحدثون معي ولا يصارحون؟
في حين أنهم يتجاهلون تلك الأوقات التي يصدرون فيها أوامر و نواهي تلجم الآخر عن الحديث ...
و بالتالي و بالطبيعة سيختار الطفل أو الإبن أن يتفادى هذه المصارحات و هذه الحوارات و يكتفي بقول ( ليس هناك شيء كل شيء على خير ما يرام)

في الكثير من الأحيان مشكلة المربي أنه يغفل عن أن من يتعامل معه هو شخص مستقل بذاته ، له كيانه وله أفكاره و له إحساسه تماما كالمربي المستقل بذاته ... فهو إنسان وإن كان إبنك و إن أشرفت عليه منذ ولادته وكنت تراه دائما لا يفقه ولا يعرف شيئا ... في حين أن الجميع يعلم أن أول وسائل تعبير الطفل عن نفسه عند ولادته هو الصراخ لطلب حاجته ، فعندها لا يملك لغة غيرها .. ولكن ألا يعطيك هذا أنه يفهم؟

ولكن مسألة أنه إبني ... يعطيه الشعور وكأنه ملكي و هو مجبر أن يفعل و يشعر و يتصرف كما أقول أنا و ربما هناك من يريده أن يكون نسخة منه ... إعجابا بنفسه ... 

و هذا من أكبر الآخطاء ...

تماما كخطأ أن تحاول تجنيب أبناءك أخطاءك أنت و التي قد تكون بالنسبة لك أنت خطأ لأنك كيان مختلف كليا في زمن و مكان و طبيعة و مشاعر مختلفة عن ما سيكون عليه أبناءك ...

فكثيرا ما يحدث الحرمان للأبناء من الأهل بسبب محاولة الأهل تجنيبهم ما مروا به هم و إعتقادهم بأن سبب مرورهم بذلك هو شيء واحد فيحرمون أطفالهم منه .

على كل لكي لا يطول الحديث و يمل من قراءته من يرى أنه طال ...

الحوار ...

مهم جدا أن تقتنع أنت أن هذا مخلوق مستقل و ليس عليك إلا برمجته بالقيم و الأخلاقيات التي عليك زرعها فيه منذ الصغر ، و زرعها يكون بالحديث عنها و كونك قدوة فيها ( كن قدوة في الصدق معهم حتى تكسبهم و يثقوا بك و بكلامك و هذا مهم لتستطيع نصحهم و يتقبلوا منك النصيحة عن طيب خاطر و ثقة كاملة أنك صادق )

و تأكد أن يكون هناك تواصل بينك و بينهم لأنه الأسلوب الأول لمعرفة ما يدور في خواطرهم ، و معرفة ما يفكرون به ... و إن لم تملك الحوار معهم...فإنك لن تعرف ما يفكرون به ... 

و إن كنت تعتقد أنك أم أو أب و تعرف إبنك جيدا فراجع نفسك لأنك لا تعرفه حقا ، إلا من خلال مشهادتك أنت ولا تدري ما يجول بخاطره و إن كنت تعرف طبعه و حركته و بعض ردود أفعاله ... فلا تقنع نفسك أنك حقا تعرفه دون وجود حوار معه ...
وكما تستطيع أنت أن تخفي ما بداخلك بتصرفاتك ، هم كذلك يفعلون ، و ربما عليك أن تتذكر نفسك عندما كنت في أعمارهم و كيف كنت تفكر تجاه أهلك و تعاملهم معك بقسوة أو عندما تمنع من الحوار و التعبير عن نفسك .

فتأكد أن يكون أسلوبك مع الأطفال حواريا منذ الولادة ... نعم تحدثي مع إبنك و هو في المهد و حدثيه بأحاديث طيبة و مرحة و أنظري ما سيكون تأثير ذلك عليه ...

و إستمر في الحوار و معرفة أسباب ما يريد و ما لا يريد وإستعمل السببية معه ، أي أنك يجب أن تعطي سبب لكل شيء تفعله ، ما مصلحته هو من فعل هذا الشيء وما ضرره ... كن واقعيا ولا تستعمل الخرافات لأنها ستعود عليك أنت في عدم تصديقه لك في زمن تكون أكثر حاجة لأن يثق بك و يصدقك فيه ... 

و بصدقك معه ... ستستطيع منعه مما لا تريد و تستطيع إعطاءه ما تريد ، و كذلك إياك ... إياك ... ثم إياك ... أن تجيب أحد أسئلته بإجابة بلهاء أو إجابة فقط تريد منها أن تسكته ... و تصرفه عنك هذه الساعة ... إياك وإياك ثم إياك ... 

إن كنت تعرف الإجابة الصحيحة وإن كنت تعتقد انها أكبر منه أخبره بها بما يناسب عمره دون تزييف للحقائق ... و إن لم تكن تعرف فلا حرج أن تقول لا أعرف ولكن سنبحث عنها و نعرفها و إفعل ذلك وإبحث  و أجبه .

هذا يكسبه ثقة أكبر برأيك و ثقة في كلامك و مصداقية معه ... لأنه سيجد ما قلت له حقيقة بشواهد أخرى . 

الحوار مهم جدا أن تتعلمه أنت لتعلمه لطفلك ... أن تزرع فكرة الحوار لتستطيع إستقبال الشكاوى منه و إستقبال مشاكله و معرفة ما يدور معه لتستطيع تصحيح مساره و أخرج من عقلك مسألة أنه نسخة منك لأنه ليس كذلك ... 
و تذكر جيدا ... أنه من حقهم عليك أن تحترم رأيهم و ليس بالضرورة أن تأخذ به إن لم يكن صائبا ... ولكن احترمه أنه خرج منه ... حتى إن كان فيه إنتقاد لفعل أتيت به و إعترف أنك أخطأت إن فعلت حتى تعلمهم الإعتراف بالخطأ وأنه ليس عيبا ...

و ليس الوقت متأخرا لبدء الحوار مع أبناءك و إن تجاوزوا سن العاشرة أو بلغوا ... فيمكنك أخذ مساحات وقت للمصارحة و الحوار و تقبل ما يحدث بأن تبدأ بنفسك و تفتح لهم قلبك ...

و مهم جدا أن ردة فعلك تكون بتفهم و نصح لكي لا تنفرهم من الحديث معك مرة أخرى ، كن متفهما و تعامل مع ما حدث أنه حدث و الأهم كيف نمنع حدوثه إن كان خاطئا و كيف نزرع فكرة الخوف من الله في قلب الإبن و الصراحة مع أهله كي ننقذه من أي مسار خاطئ يسير فيه .

تعامل بعقلانية دائما و ضع نفسك مكانه و أنظر ما ترى من ذلك ...

و تذكر أنك تتعامل مع مخلوق مستقل عنك تماما و عقل مستقل تماما ... وشخصية مستقلة بذاتها ...

وأنت من لديك أهل ...
أخبر أهلك بهذا الحديث إن أردت أن تفتح معهم الحوار لتكون أنت أيضا متفهم لخوفهم عليك ... و حرصهم عليك ... و لتعرف أن ما يفعلونه هم الآن ... قد تفعله أنت غدا من باب الأبوة و الحنان الفطري ... و لا تنزعج من أنهم أكثر منك خبرة في هذه الحياة و إن كنت أنت تعرف ما لا يعرفون ... ولكن عليك أنت أيضا دور أيها الإبن ... عليك دور مهم أن لا تطلب دائما من أهلك أن يعاملوك كأنك رضيع بحاجة لتغيير حفاضك و إطعامك و الإهتمام بك ... هذه مهمة جدا في حق نفسك ....


قدم لما تريد أن تجده ... وإن عرفت أن كل إناء بما فيه ينضح ... فإملأ إناءك و إناء أبنائك بما تريدهم أن يفعلوه و يخرج منهم من تصرفات عندما يكبروا ...


بإمكانك العمل على إعادة ربط قناة وخطوط التواصل معهم و لتحرص عليها أكثر من حرصك على وجود إنترنت في خط الهاتف لديك ...

وتذكر ... أن هذا أحد الجوانب من العلاقة بينك وبينهم وهو من الجوانب المهمة جدا ... 

شكراً...