الأربعاء، 2 ديسمبر 2015

كيف تختار زوجك ...

By 2:02 م
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته 


كيف يا ترى ... تختار زوجك؟

لا تعتقدن أن هذا الموضوع متعلق بإختيار الزوج (الرجل) لأن كلمة زوج تطلق على كل منهما فهما زوج و هي زوج له وهو زوج لها ، و بالتأكيد ليس هناك قاعدة ثابتة في هذا الموضوع لكثرة الإختلاف بين البشر و كل حالة تحتاج إلى النظر إليها على حدا … و من الخطأ أن تعمم حكما واحدا على كل الحالات التي كل طرف فيها في كل حالة يختلف عن غيره من الأطراف و كل المعطيات تختلف عن غيرها من المعطيات ، بالتالي هذا تذكير لنا جميعا أن لا نأخذ حكما نجح في حالة ما و نحاول تطبيقه حرفيا في حالة أخرى قد لا تتطابق معطياتها مهما فعلت ، و لكن الأصح أن تأخذ المفهوم و المنطق خلف هذا المفهوم ، وهو الذي تستطيع تطبيقه مع كل الحالات حسب معطياتها (كقانون العمليات الحسابية الذي يمكنك من حل أي مسألة تواجهك إن فهمته) ، فالموضوع محاولة لجمع أفكار و علامات لتساعدك على حسن الإختيار قدر أستطاعتك ، و كل شيء فينا هو قدر إستطاعتنا و ليس فينا من يدعي أنه الأفضل و أنه كامل في كل شيء …
فما هي الخطوات أو كيف تختار زوجك ؟

كل منا يختار بحسب ما يراه هو مناسب وهذا ما يقع تحت ( من ترضون ) … و النظرة التي يطلقها أحدنا ليحكم أن هذا مناسب أو غير مناسب عادة تنطلق من المفاهيم و المقاييس التي يتبناها كل منا في فكره و قناعاته و يسير عليها في حياته و مقتنع تماما أنها صحيحة ( قد تكون هذه المفاهيم مبنية على الثقة العمياء في صديق أو صديقة فيكون تنفيذ رأيهم أولى من إستعمال المنطق و الفهم الصحيح و هذا شيء يجب أن تنتبه له لتفرق بين النصح و التأثر و بالتالي التنفيذ كأنك منوم بأمر صاحبك) ، بالتالي يبني عليها قراراته و تحركاته في الحياة ، فمن كانت نظرته مادية (مثلا) لن يوافق على شخص صالح مهما كان إن لم يكن غنيا ، و سيعتبره الشخص الغير مناسب ، بغض النظر عن أصل معدنه و صلاحه و كل المواصفات التي تبنى عليها الحياة الحقيقية ، فنظرته للمال و المادة تسقط هكذا شخص من حساباته ، و هذا المثال منطبق على كل ما يتبناه البشر في حياتهم و يطبقونه في اختياراتهم و قراراتهم … المال ، الجمال ، الصيت ، السفر ، الشهادة ، العمل … إلخ مع ملاحظة أن غياب عامل من هذه العوامل مع وجود الصلاح و الخيرية و الإخلاق التي ترضاها حسب مفاهيمك ، لا يكون سببا مقنعا لرفض الإرتباط بهذا الزوج…

ولذلك دائما تكون البداية بتصحيح مفاهيمك أنت ،  و تحسين نظرتك و إهتمامك بعقلك و فكرك و العودة إلى دليل المستخدم الذي أعطاه لنا خالقنا سبحانه و تعالى و تنظر فيه و في سير نبيه و تتعلم المعاني الدقيقة و الراقية و تصحح مسار اعتقاداتك و قناعاتك التي قد تكون تشوهت بالابتعاد عن المفاهيم الصحيحة و الاكثار من مشاهدة التلفاز أو تأثرت بالمواريث التي يورثها الناس بعضهم البعض مما يجدون عليه أباءهم … و يهدمون به بنيانهم بأيديهم … 

فأحرص على تصحيح مفاهيمك و قيمك قبل كل شيء ، و هذا شيء لا يصح البدء فيه عندما ترغب في الأختيار فقط ولكن هذا شيء تبدأ في ممارسته منذ الآن وإن كنت بعيدا عن الإختيار و إن كنت تعتبر نفسك صغيرا و أنت بالغ و أن تحاول ان تستقي ما يصلح بك و تغذي به أبناءك و ربما أخوتك و أقرانك حتى تتركز هذه المفاهيم في عقلك و تصبح التصرفات بها تلقائية ولن تجهد نفسك كثيرا في تقييم من أردت أن يقع إختيارك عليه . 

راجع نفسك ، لا تعتبر نفسك تملك تلك المفاهيم و أن مفاهيمك كلها صحيحة … دائما راجع نفسك و ليس هناك بأس من أن يصحح الإنسان مفهوما من مفاهيمه و يغير قناعة من قناعاته بعد أن يستوضح أشياء لم تكن واضحة له و يعترف بأشياء لم يكن يعترف بها ، و إياك أن تعتبر نفسك أنك وصلت إلى قمة الفهم و القناعات ، فمن لم يراجع نفسه أتعبته و هلك بها . فراجع دائما مفاهيمك و ما خاب من إستشار … و البحث متاح و بسيط و سهل ومن سار على الدرب وصل …

تأكد أن مسألة المفاهيم و القناعات لديك أساسية جداً في الإختيار و أساسية في كل شيء تفعله في حياتك ، و لن تنفعك غفلتك قبل الإقدام على الفعل بعد أن ينتهي كل شيء و تختار ولا تكتشف غفلتك إلا بعد أن فوات الآوان … تأكد من ذلك جيدا … و كما يصف المثل (الكيل مئة و القص مرة “بمعنى أنك تستطيع ان تقيس المسافات أو المساحات أو تأخذ مقاس الشخص عشرات المرات ولكنك ستستطيع ان تقص مرة واحدة فقط ، فلا بأس من الإكثار من القياس للتأكد كيف تقص و أين “  ) فإجتهد في تصحيح مفاهيمك قبل الإقدام على الإختيار … أي منذ الآن . حتى إن كان عمرك ستة عشر سنة فقط وأنت بالغ ، احرص على تصحيح مفاهيمك و المصادر متوفرة و العقل إن عمل عمله لن تضيع أبدا … و لا تنسى أن من كانت نيته لتحقيق شيء صادقة ، فإنه سيجد لها الطريق الأنسب ليصل إلى غايته ، و لتكن غايتك أن تكسب نورا في عقلك ترى به الطريق الصحيح…

نقطة أخرى يجب أن تركز فيها ليكون إختيارك صحيحا و مناسبا ، هي أن يبقى عقلك واعيا منتبها غير مغيب و غير مهمش بما يمكن أن يقع في القلب من تعلق بشخص إلتقيته صدفة و ركزت (التركيز بحيث تعطيه كل إهتمامك و تلغي ما سواه)  و أطلقت بصرك و أعطيت من سمعك فوجدت أن الطريق إلى قلبك فتحت “بإرادتك” التي أطلقت بها السمع و البصر و الإنتباه فتاه العقل و تعلق القلب و لن تستطيع الحكم على حقيقة من تعلقت به لإنك ستراه فقط الغاية و الأمنية و الرجاء و الحياة بجمالها الكامل عندما تلتقي به و تكونا معا … وهذا ما سيجعلك القلب تفكر به و القلب في غيبوبة … 

ولاحظ أن القلب بمجرد ما يحصل على ما أحب دون علم العقل و سابق تأييده بالمفاهيم التي تحدثنا عنها … سيفيق يوما عندما يحصل الزواج و تعيش الواقع و تكتشف أن أغلب أحلام القلب كانت فقط سراب و أنها تبددت بالواقع ولم يعد لها وجود ، ليس لأن الآخر غشك أو أنك غششته ، و لكن لأن حكمكما لم يكن مبني على منطق عقلي و وضوح بالفكر ، بل كان مبني على عاطفة تحكمت بكم و أدت إلى حدوث الشغف الذي سرعان ما تبدد بالواقع الذي لم يكن أحد منكما يفكر فيه بواقعية لأن العقل كان مغيبا بهذا التعلق الذي سيطر فيه القلب … 

فتجنب التعلق المسبق و لتجنبه تجنب أن تطلق بصرك و سمعك و تعطي الفرصة لأحد أن يدخل حياتك ما لم يكن هناك عقد زواج بينكما (وهذا ينطبق أيضا على فترة الخطوبة التي قد تنتهي في أي لحظة ولا يترتب عليها شيئ)  ، ولا تسمع لمن يقولون عش حياتك … فكل من حاول عيش حياته (بنسبة 98٪ و أكثر) (و إياك ان تقنع نفسك أنك ستكون من نسبة 2٪ المتبقية لأنهم مجهولي المصير)  أصبح لديهم ذكريات مؤلمة و كل منهما تزوج زوجا آخر و مازال بعضهم يتواصل مع العشيق الأول بعد الحنين و بعد الفراق و القصة تطول لمقارنات بين الزوج الحالي و العشيق السابق و افتقار الحالي لرومانسية العشق الأول لأن الأول أساسا لم نعش معه الحياة الحقيقية التي كانت ستبدي لنا ما لم يراه القلب … فجنب نفسك كل هذا التعب و هذا الآلم و أحرص على أن تحافظ على مشاعرك صافية نقية لتسلمها لزوجك يكتب فيها ما يشاء على سنة الله و رسوله … 

النقطة الآخيرة … هي في قلبك … و مع تصحيح مفاهيمك و إتقاءك لله و عفافك … و إلتزامك بأمر الله في كل وقت ، بالطاعة و العبادة و العمل و صفاء النية … فإنك ستكتسب نورا من عند الله في قلبك بقوة الإيمان … و الذي سيجعلك ترى الأشياء بميزان أكثر دقة و اكثر وضوحا بعون من الله … فإحرص كل الحرص ان تقوي إيمانك دائما بكثرة الذكر و كثرة العمل الصالح و الإبتعاد عن كل ما يلهيك و يبعدك عن الحق و تجنب أكل الحرام و كل ما يقربك من الحرام كبيره و صغيره عظيمه و تافهه … إن أردت أن تكتسب نورا من الله في قلبك … فعليك أن تتقرب إلى الله بالطاعات و العمل الصالح … و كثرة ذكر الله . و سيكون لديك النور و الدليل إلى تصحيح مفاهيمك بشكل أدق و تكسب من الله نور الإيمان الذي يهدي الله به عباده الصالحين … 

مع النقطتين التي ذكرنا و الآخيرة ، تكون أنت قد جهزت نفسك لتقييم و قياس أي شخص تقابله أو يعرض عليك أو تصادفه لكي ترى إن كان يصلح أن يكون زوجا أم لا … و دائما تذكر … أن الصديق شيء و الزوج شيء ، أن العشيق شيء و الزوج شيء آخر و الجار شيء و الزوج شيء آخر تماما … فمتانة صداقتك بشخص ما ، لا تعني أبدا أنه يصلح لأن يكون زوجا وفيا كما كان صديقا وفيا … (تذكر أننا لا نحدد جنسا بعينه إنما نتحدث عن البشر ككل و كلمة زوج يقصد بها الإثنين معا ) وربما تتذكر أن علاقة الجيرة بينكم و بين جيرانكم كانت مليئة بالمودة و التعاطف و المشاركة ، و هذا لا يعني بالضرورة أن الزواج من الجيران سيكون كهذه المودة و المشاركة الطيبة وكذلك إبن الخالة و العمة و العم … راجع المفاهيم التي تبنيتها كي تعلم جيداً إن كان من عاشرته حقا يصلح أن يكون زوجا كما كان جارا أو صديقا أم لا … 

و من أهم ما يجب أن تستحضره أثناء تفكيرك في الشخص الذي ترغب في أن يكون لك زوجا … أن تعلم جيدا عيوبك أنت و ما ينقصك لتكون أفضل “عليك الإعتراف بكل عيوبك مع نفسك و عدم التكبر و التعالي عليها ، بل إعمل على تصحيحها و ضبطها و الحد من تأثيرها السيئ عليك” ، و أن تنظر للشخص الآخر بذات النظرة التي تكون فيها متأكدا من أنه فيه عيوب و لديه نواقص (وهي التي لا يراها القلب إن سبق و تحكم و عطل العقل كما ذكرنا) عليك أن تختار أن تتعامل معها على أنها واقع لا يمكن تغييره تماما كما لا يمكن تغيير نواقصك أنت و عجزك أنت ، بحيث أنك عندما ترضاه لنفسك زوجا بما وجدت فيه من غلبة المقاييس الجيدة المناسبة التي ترضاها و يرضاها أهلك (أي أن الحسنات أكثر من السيئات حسب ما لديك من مفاهيم) ، عندها تأكد أن تكون جاهزا بقبول نواقصه و عجزه و كل ما هو سلبي فيه إلى جانب كل ما فيه من إيجابيات … تأكد من ذلك جيدا ، فهذه حياتك المستقبلية التي أنت بصدد بناءها … و كما يسوق المثل ( أربط تلقى ما تحل ) 


ثم ستبدأ في التفكير في عن ماذا أبحث في الزوج ؟

هنا يأتي دور مفاهيمك التي إن اكتسبتها بشكل صحيح فإنك ستعرف جيدا ما الذي عليك البحث عنه و كمثال على ذلك : 

الأصل؟
و المقصد من الأصل هنا ليس اسم الأسرة أو قبيلتها أو مالها و جاهها … المقصود بالأصل أي أن تكون الأسرة طيبة المنبت ، أصيلة التربية ، يهمها الحلال و الحرام ، تخاف الله في كل تصرفاتها و خاصة المالية … تقدر العمل و تستحي من الخطأ ، الأب لمن ستختار زوجا لك مهم … العمل و التجارة و كيف يكسب الرجل المال مهم لك جدا عند موافقتك على الخاطب  ، الأم التي ربت مهمة ، و دورها في البيت مهم ، و الأب مهم ، و كونه حقا رجل جدا مهم … فالأصل يكون بالتقوى ولا يكون باسم و صيت الأسرة … و تذكر جيدا أننا اليوم نعيش في مجتمع كل فرد فيه يعتبر أسرة لحاله … فقد يخرج الفرد الصالح من الأسرة السيئة و يخرج الفرد الطالح من الأسرة الطيبة … 


التوافق؟
و كثيرا ما يعتقد أن التوافق يكون في تقارب الأعمار و هذه مسألة نسبية لا يمكن أن تتحقق فعلا و لم تكن إلا ردة فعل من جيل ماضي تبناها جيل آخر و إن كانت غير دقيقة … و لكن التوافق الحقيقي الذي يجب ان تبحث عنه يكون في الهدف و ليس في اسلوب الأكل أو اللباس أو منطقة السكن أو في الأغاني التي يحب سماعها كل منكما أو الأفلام و القصص و الكتب … التوافق يكون في الهدف الذي من أجله تعيش ، الهدف الذي تفعل كل شيء في حياتك لكي تصل إليه ، بغض النظر عن حبك لهذا الطعام من عدمه و بغض النظر عن إنسجامك في شرب القهوة من عدمه ، الأهم هو الهدف و قد يكون الهدف هو الجنة … و عندها ستعمل انت و زوجك لأجل هذا الهدف بالطريقة الأنسب لكما ، قد يكون الهدف هو المال والمظهر ، “عندها راجع مفاهيمك من جديد” ولكن سيكون هناك توافق في هدفكما بحيث انكما معا في مسألة إبهار الآخرين و الخروج بمظهر تختارونه و جمع المال معا … فركز  في الأهداف اكثر من تريكزك في كيف يحب الآخر أن يعيش ، وتذكر أنك يجب أن تتعامل مع الآخر كما هو و لا تسعى لتغييره كما تحب أنت لكي يتحقق التعايش بينكما … و إن وجدت توافقا بينك و بين الشريك بنسبة 40٪ فهذا يعني أنك في وضع رائع جدا و إن زادت فذلك خير ، ولكن لا تعتقدن أبدا أن نسبة التوافق بين إنسن يمكن ان تتعدى الستين في المائة … و الأصل هو التعايش و التفاهم على نقاط الاتفاق أكثر من نقاط الإختلاف … 

الإنجذاب و الإنسجام و الإعجاب؟ …
عليك أن تركز هنا “إن كنت قد صححت مفاهيمك “ أن هذه الأشياء ليست سببا لرفض الزوج الذي اثبت صلاحه بما صح من مفاهيم  … ألم يمر عليك موقف من قبل أن كنت ترى شخصا ولا تطيق رؤيته بل و تشمئز منها و تهرب منه حيثما تواجد في ممرات الدراسة أو العمل؟ و من ثم في موقف ما حدث و أصبحتما أفضل صديقين ؟ و ربما قبل أن يحدث ذاك الموقف إن أخبرك أحدهم أنكم ستكونوا أصدقاء لأنكرت و رفضت و تهربت … و ذلك لإن حكمك الأولي قد لا يكون مبنيا على قاعدة سليمة و على كل فإن كنت قد حققت النقطة الثالثة فإنك سترى ذلك بوضوح و عقلك سيرشدك بشكل أفضل إلى ما يمكنك قبوله و انت تعلم أنك ستتأقلم معه لإنك ببساطة … لن تجد شخصا مثل نفسك و التي تتعاند أنت و هي دائما .

الحب؟
أكثر ما يعتقد في أنه سبب في نجاح الزواج هو الحب … و الحقيقة أن أكثر ما يفسد العلاقات الزوجية اليوم هو الحب ، و ذلك يرجع بنا لمسألة تغييب العقل و التعلق بالقلب و الذي يجعل المحب لا يرى إلا حسنات المحبوب و ربما يراه كله حسنات ولا وجود لأي سيئات من الأساس … و في حين أن الحب جزء بسيط جدا من تكوين الأسرة ، و هو الجزء الذي يخطئ الغالبية في بناء حياتهم عليه ولا تظهر نتائجه التي يراها العقل بعد أن يستفيق … إلا متأخرا جدا … و يعتقد البعض أن الحب لا يولد إلا قبل الزواج (و دلائل فشل ذلك كثيرة جدا تستغرب لما يحاول الكثيرون إنكارها … هل لأنهم لا يفكرون بعقولهم؟)  … و هذا خطأ … فإنك إن أحببت قبل الزواج فحبك سيكون حب قلبي في أغلب الظروف … ( الكل سينكر ذلك و سيقول … لا ...أنا أعرف ما أفعله و لكن سأقول لك أنك قد تكون من نسبة 98٪ الذين يعتقدون ذلك و هم لا يوقنون حقا أنهم على حق ولكن يجب أن يقنعوا أنفسهم بذلك و إلا لتوجع القلب ) و لكن الحب بعد الزواج سيكون حب عقلي واقعي قلبي ملموس النتائج و ملموس الحقيقة … فأنت ستعرف الآخر على حقيقته و ستعيش معه و تعاشره و تستمتع به و تعرف أوجاعه و أفراحه و ترى وجه  وتعابيره … و كل شيء بعقلك تراه أمامك … فإن بنيت إختيارك على مفاهيم صحيحة و قواعد سليمة عندها … ستكون في مودة و رحمة بإذن الله صادقة غير كاذبة ولا مطلية بقشرة أعياد الحب …

تأكد من معلومة يرحمك الله … أن التعارف لا يعطيك صورة عن الآخر مهما فعلت و تأكد أن المتزوجين أنفسهم يقضون سنوات طوال مع بعضهم و لا يزالون في إكتشاف مستمر لشخصيات بعضهم البعض ، التي من الأساس تتغير و تتبدل مع الزمن و مع التجارب ، فلا تعتقد أنك إن تعرفت على الزوج قبل الزواج أنك عرفته … ولن تصدق ذلك حتى تجربه … فإهتم بالمقاييس الأساسية للقبول و الزواج أكثر من إهتمامك بمعرفته … فمن كان يعرف الله ( بمقاييس صحيحة و ليس المقاييس العامة التي تقول انه يصلي و يشكرو فيه الناس) فإنه لن يظلم و لن يسيء أحب أو كره … فإنه سيتقي الله فيك و سيكرمك أحبك أو كرهك … ذاك من كان يخاف الله و رضيته أنت بالمقاييس الصحيحة …
تجنب الحكم على الشخص من هيئته ، فالهيأة أصبح من السهل جدا تقمصها و من السهل جدا خداع الآخر بها سواء كانت هيئة تدين أو هئية جمال أو دلال أو غنى … كلها أصبح من السهل الغش فيها و التقليد فيها ، فلا تحكم من الهيئة ولا تحكم من اللقاء الأول ، ولا حتى من اللقاء العاشر ، خاصة عندما يكون القلب هو المتحكم …



هذه فقط أمثلة عن ما يجب أن تبحث عنه و تأكد أنك مع تصحيح مفاهيمك … ستعرف جيدا ما ستبحث عنه … 


و هنا ... 
  • تصحيح المفاهيم ( عن طريق فهم دينك فهما صحيحا غير سطحي و لهذا أصول يمكنك الوصول إليها ، و تأكد ان فهم الدين لا يتوقف عند معرفة العبادات و كيف تؤديها ، ولكن يرتقي إلى أن تصل انت بفهمك لتطبيق يجعلك صاحب قناعة و رضا يريحك في كل مواقف حياتك و به يطمئن قلبك ) 
  • عدم التعلق بأحد قبل عقد الزواج ( و تدخل في ذلك حتى الخطبة التي فيها الطرفين غرباء عن بعضهما البعض وما الخطبة إلا وعد بالزواج و فسخها لا يترتب عليه أي التزامات للطرفين ، فلا تتعامل مع الخطبة على أنها نتيجة مضمونة نهايتها الزواج ، و كذلك التعلق بأحد في العمل أو الدراسة ) 
  • طاعة الله و تصفية قلبك و تقوية ايمانك … (قاوم مغريات الدنيا و أقبل على الله … ) 
  • لا تعلق الأمل في أحد ، فقط قيم الموضوع بشكل دقيق و خذ بالأسباب و اجعل لنفسك مساحة أمنة حتى لا تتعلق ولا تعقد الأمال كلها على شخص واحد وأنت لا تدري أيصلح بك أم لا يصلح … ولكن تعامل مع كل موضوع تخطوا فيه الخطوات الصحيحة بجدية تامة على أنه موضوع مهم حتى يثبت جدواه أو فشله … 
  • خذ بأسباب الإستشارة و السؤال عن الشخص بشكل دقيق ( تجنب سؤال أقرانك الذين قد لا يعلمون شيئا عن المفاهيم الصحيحة التي بها يقاس صلاح الشخص من عدمه فمن كان مفهومه مائلا للجمال فسيخبرك بأنه جميل فتقدم أو انه قبيح فدعك منه ) ،  فتأكد ممن تطلب الإستشارة و ليكن ولا تعتمد على قول واحد يوافق هواك و أكثر من السؤال متذكرا أن الكيل مائة و القص مرة 
  • تأكد أن الإستخارة تكون دائما بعد كل ما سبق ذكره ولا تصلى الإستخارة قبل الأخذ بالأسباب و التأكد أن الشخص المقصود مناسب ، فإن كنت تعرف و ترى أنه غير مناسب فلا حاجة لك بالإستخارة و إبتعد عن الموضوع من تلقاء نفسك ، إسأل و شاور و تقصى جيدا … ولا تكتفي فقط بقول (ما رأيكم؟ فيقال عز الناس ) إبحث جيدا في تفاصيل المعيشة و التعامل و التجارة و العمل و البيئة و البيتية و الأصل كما وصفنا و ستعينك مفاهيمك الصحيحة على الوصول إلى النقاط المهمة


عند السؤال عن الزوج (الرجل ) ...

في زماننا الذي نعيش فإنه من أكثر ما يمكن أن يبين لك الرجل هو تجارته و تعاملاته المالية ، و هي أكثر ما يمكن ان يظهر معدنه و إخلاصه و تحريه الحلال و تفانيه و أمانته ، فإن وجدت أنه أمين مخلص في هذه الأشياء ولا يمد يده إلى حرام ، إسأل عن كيف يقضي وقته بعد العمل و بعيدا عن التجارة ، و من هم أصدقائه و أقرانه ، و أين يقضي وقته … و فيما يقضيه … و سؤال جيرانه أيضا و من خالطه في عمل أو سفر شرط أن يكون اهلا للثقة ولا يكون أي شخص عابر ، و هذه نقطة مهمة فمن تسأله أيضا يجب أن يكون أمينا صادقا حتى تأخذ منه الخبر الأصدق ، و لا تكتفي بسؤال شخص واحدة أو بالسؤال مرة واحدة … و تذكر أن كثيرا ما أتت الإجابة عن أن الشخص من البيت إلى المسجد و العكس ولكنه لم يكن ذو تعامل جيد مع الناس و لم يكن تردده على المسجد مؤثرا على أخلاقه … و هذا يعود بك إلى المفاهيم الصحيحة التي إن صححتها ستعرف جيدا كيف تقيمه و ما الذي تهتم له و ما الذي لا تجعل منه عائقا أمام موافقتك ، 

عند السؤال عن الزوج (الفتاة) ...

قبل كل شيء لا تفكر في المرأة التي ستتزوجها أنك فقط ستستمتع بها أو يعجب بها الآخرون و يقال أن زوجة فلان جميلة ، فتبحث عن جمالها و ظاهرها فقط و تأكد أن تبحث عن الزوجة الأم التي ستربي أبناءك و من جهة أخرى إن كانت تجذبك الفتاة الفاتنة بقوامها و شكلها و مشيتها فلا تعتقد أن الفتاة المحتشمة الخلوقة لا تملك ما تملكه غيرها من الفتيات ولكنها فضلت أن لا تعرضه على الملأ و تحتفظ به لمن سيكون حلالها وحده كما أمرها الله … و من أهم الأشياء التي يجب أن تسأل عنها عندما تبحث عن زوجة هي البيت و من هو صاحبه ، هل الأب له مكانته و له دوره و قيادته أم هو فقط صورة و لا يؤثر في حكم بيته أبدا و زوجته هي التي تدير دفة البيت في كل شيء ، ما يخصها و ما يخصه كلاهما معا و تسيره كما تريد هي و لا دور له هو ، و من جهة أخرى تأكد من أنك تختارها بعقلك قبل قلبك أيضا و أن تكون قد صححت مفهومك عن من يجب أن تربي أبناءك و كيف تريدهم أن يربوا … إبحث عن الوعي و الثقافة و الفطنة … و كذلك عن الطاعة و الإتزان … و كذلك من الجوانب المهمة أن تعرف من سيكون خال إبنك و ما أخلاقه و كيف هي حياته 


هذه بعض النقاط التي قد تكون اكثر أهمية في البحث عن الزوج ، إلى جانب ما قد سلف ذكره من نقاط تعتمد عليك أنت ، في قلبك و فكرك و عقلك … 

و هل حقا التعارف و الحوار قبل الزواج يجعلك تعرف من هو زوجك؟

الكثير منا يتبنى هذه القناعة في وقتنا الحالي و الكثيرين يعقتدون أن الزواج بدون تعارف هو جحيم سيدخلونه و يخافون منه و لن يخرجوا منه ابدا … فهل حقا التعارف قبل الزواج يفيد في معرفة طبع و أفكار و تصرفات الآخر … أم أنها فقط اسطورة يمني بها الكثيرين أنفسهم ؟

الواقع يقول أن نسبة المتزوجين بالتعارف أو العلاقة أو أخذ وقتهم في فترة الخطوبة للحديث و ربما حتى الخروج و إكتشاف بعضهم البعض كبيرة جدا ، في مجتمعنا حاليا ، و لكن هذا لم يمنع وجد حالات طلاق كثيرة جدا و حالات عدم استقرار اسري و حالات زواج شكلي كثيرة يعيش فيها الزوجان في بيت واحد ولكن لكل منهما حياته المنفصلة تماما عن الآخر … 
فلماذا لم يفيد التعارف قبل الزواج حقا في التقليل من نسبة الطلاق و المشاكل بعد الزواج ؟ ألم يتزوجوا حقا على قناعة و تفاهم و تعارف لفترات طويلة منها ما قد يمتد لعشر سنوات ما بين التعارف و الزواج ؟

هذا قد يدفعك للتفكير مليا في كيف يجب عليك أن تختار زوجك … أو توافق عليه … أو تبحث عنه … و بالتأكيد هناك جوانب كثيرة جدا لن يسعها الحديث الذي طال و كان سيزداد طولا إن لم نتوقف عن الخوض في تفاصيل أكثر فيه . ربما نحاول طرحها في وقت أخر بصورة مختلفة ، و أكثر إختصارا …

نسأل الله أن تكون النقاط واضحة و مفيدة و مرشدة لطريق الصواب و إن لم تكن كافية ، و لكن أن تعين على توجيه النفس إلى الطريق التي يمكن ان يجد فيها أحدنا نفسه أكثر وعيا و إنتباها و إستقلالية عن عادات و تقاليد المجتمع و ما وجد عليه أباءه من مفاهيم أفسدت حياة الكثيرين و مازالت تفسد و مازال الكثيرون يتبنونها دون محاولة لتصحيحها أو تعديلها أو إيجاد ما هو أفضل منها و التخلص من كل ما فيها من ثقل و تشويش و إبتعاد عن الصواب الذي يرشدنا إليه ديننا … 

أشكر وقتك جدا الذي لقراءة هذه الأسطر منحت … و أرجو من الله أن يغفر ما بدر منا فيها من زلل و خلل و خطأ … وما هو إلا رأي يحتمل الصواب و الخطأ و ما كان فيه من صواب فهو من الله وأما الخطأ فمن نفسي أسأل الله العفو ... 
وفقك الله لما يحب و يرضى … و رزقنا و إياكم خيري الدنيا و الآخرة و أسكننا الجنة و أبعد عن قلوبنا الغل و النفاق و الرياء …



شكراً…